اهلا وسهلا

يسعدني زيارتكم لمدونتي،،، " شروق " اسأل الله ان تحوز اعجابكم،،، علما بانني لا استغني عن ارائكم وارشاداتكم التي اضعها بعين الاعتبار،،، وشكرا... عبدالله الضعيان،،،

السبت، 31 ديسمبر 2011

البدون بين الدم والورود


ساحة الارادة المعبرة للكويتيين، وللبدون ايضا ساحة تيماء في الجهراء، أو ساحة الحرية كما يسميها البعض، ففي الجمعة قبل الماضية امتزجت حسن النوايا من الداخلية والبدون، وتمثل ذلك بقيام البدون باهداء الورود لرجال الداخلية والتعامل الراقي لرجال الأمن، وفي الجمعة الماضية من بعد صلاة الجمعة في ذات الساحة وقد ازدادت أعدادهم حملوا علماً للكويت طوله قارب الـ 50 متراً، اشارة الي ان مشكلتهم مضي عليها عليها 50 عاما (وذلك حسب قول احدهم) يطالبون بسرعة البت في حقوقهم، في تظاهرة سلمية شارك فيها مجموعة من الأطفال عبر شعار "لدي حلم" وسط مراقبة رجال الأمن، واعطاء البدون الوقت الكافي للتعبير عن مطالبهم بحضور العديد من الفعاليات السياسية وجمعيات النفع العام، كما قام مجموعة من البدون عددهم 50 شخصا بالتبرع بدمائهم، فضلا ان اعداد المتطوعين للتبرع يزيد عن 350 شخص ولم يستوعبهم المركز المتنقل لبنك الدم، وبما ان تسميتهم قد تغايرت من حين لأخر وقد اطلق عليهم بدون او غير محددي الجنسية اوالمقيمين بصورة غير شرعية او غير قانونية، الا أن التسمية الاخيرة فيها مساس للكويت قبل ان يكون بها مساس لهذه الفئة، فمن الناحية الاولى المساس للكويت، كيف تسمح دولة الكويت لهذه الفئة بالإقامة على ارضها بصورة غير قانونية، بالرغم ان البدون في البلاد كان البعض منهم وما زال بعض آخر يعملون في الجيش والشرطة ولهم الحق في التعليم والابتعاث الى الخارج، ولكن الامر اختلف فيما بعد، اما من الناحية الثانية المساس بفئة البدون حين نعتهم بالمسمى الاخير، فان في ذلك اهدار لمادة دستورية،  حيث تنص المادة 29 من الدستور الكويتي "الناس سواسية في الكرامة الإنسانية, وهم متساوون لدي القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين"، اذن لو خالف قانون الاقامة شخص معلوم الجنسية، وباعتبار ان الشخص البدون (وهو عديم الجنسية) مخالف لقانون الاقامة ففي ظل هذه المادة كيف نقيم العدل بالقانون بينهما اذ لا تتم الموافقة للأول بالإقامة لحين تعديل وضعه او مغادرته، بالرغم من السماح للثاني بذلك، وبذلك يتضح مخالفة تلك التسمية لصريح نص الدستور، وعلى ضوء نفس المادة نجد ان الدستور يؤكد ويؤمن الحماية لجميع الناس بالمساواة في الكرامة الانسانية، فوصف أي انسان بمخالفته للقانون فيه انتقاص من كرامته، دون تمكينه من اللجوء للقضاء، واتاحة له الفرصة للدفاع عن نفسه مع ان كامل عبء الاثبات يقع على عاتق المدعي، بالذات فيما يتعلق بالقيود الامنية او مؤشر الجنسية كما قيل، وذلك انطلاقا من نص المادة 166 من الدستور "حق التقاضي مكفول للناس، ويبين القانون الإجراءات والأوضاع اللازمة لممارسة هذا الحق"، حيث يستلزم صدور حكم قضائي، بعد عرض الشخص على القضاء بمحاكمة عادلة، ومن خلال ذلك الحكم فقط الاقرار بوجود القيد الامني من عدمه، ولا يستتبع الشخص ان توافر بحقه اي قيد جميع افراد الاسرة حيث نصت المادة 33 من الدستور "العقوبة شخصية"، مما يدل على تفريد الادانة بحق مرتكب الفعل بما يتناسب مع الضرر وشخص الفاعل ولا يتجاوز لغيره من صلة القربى، امتثالا للنهي بقوله تعالي "ولا تزر وازرة وزر اخرى" وقد تكرر ذلك المبدأ الالهي في اكثر من موضع بالكتاب الكريم، تحقيقا للعدالة وبرهانا للعدل الالهي، فمن الناحية القانونية ان أي قرار يخالف تلك المواد الدستورية يعتبر غير دستوري، والمواثيق الدولية تكفل حق الانسان في الحصول على الجنسية وعلى ابسط الحقوق المدنية وتضمن له اللجوء الى القضاء، هذا بخصوص القيد الامني، اما بخصوص مؤشر الاصول فالمعروف ان دولة الكويت امتازت باستقرارها وعدل حكامها على مر الازمنة وبدأت القبائل تهاجر اليها بحثا عن الامن والامان ورغبة في الحياة المدنية والكسب المشروع، وقد وفد الغالبية من الدول المحيطة طمعا في العيش الكريم، وعامل الزمن كان مؤثرا في الحصول على الجنسية لبعض من قدم الي الكويت أولا دون بعض من اتى بعدهم، ويصح العكس كذلك، حيث أن قانون الجنسية الصادر في عام 1959 يمنح الجنسية لمن أمضى 15 سنة في الكويت دون مغادرتها للأشخاص من الجنسية العربية، علما ان البعض من البدون مضى على تواجده خمسين عاما وأكثر، ويستحق بعضهم الجنسية كما تردد بوسائل الاعلام أخيرا، وبالتالي مشكلة البدون تتطلب معالجة فورية عبر صدور قانون يوفر لهذه الفئة جميع حقوقها الانسانية، والكويت رائدة في هذا المجال لما تتمتع به من انجازات الدستور والحياة البرلمانية.

الاثنين، 26 ديسمبر 2011

الفرعية بين التكتل والقانون

المعني بالانتخابات الفرعية هو كل تجمع سواء كان تكتل، ام جمعية، ام حركة، ام قبيلة، او حتى عائلة، وكي لا يظن البعض أن تجريم الانتخابات الفرعية موجه ضد تجمعا بعينه مثل القبيلة، لان ذلك ليس هدف المشرع، ولا حتى توجه القضاء كما يتبين ذلك في حكم رفض الطعن بعدم دستورية تجريم الانتخابات الفرعية، وكان رائد المشرع في تجريم الانتخابات الفرعية هو مناهضة إجراء مثل هذه الانتخابات التي تناقض أسس النظام الديمقراطي الذي يقوم عليه نظام الحكم في البلاد طبقاً للمادة (6) من الدستور، كما أنها تخالف جوهره، باعتبار أن الدستور في المادة (80) لم يكتف بتقرير الاقتراع العام لاختيار أعضاء المجلس النيابي بل أيضاً جعله مباشراً، متخذاً من ذلك أساساً لنظام الانتخاب حتى يكون التمثيل صحيحاً وتشترك الأمة بأسرها فيه. كما أن رائد المشرع أيضاً في تجريم هذه الانتخابات كان لدرء خطر جسيم يهدد نسيج المجتمع الكويتي وترابط أفراده، سواء من ناحية مضمونها، بتقسيم المجتمع لاعتبارات مردها إلى نزعاتهم العرقية، أو عصبيتهم القبلية أو الطائفية، وبث الفرقة والتناحر والتشاحن بين أبناء القبائل والطوائف بصفة عامة، وبين أبناء القبيلة أو الطائفة الواحدة بصفة خاصة، أو من جهة الآثار التي ترتبها من تقويض قيم المواطنة، وإحلال ولاء الفرد للقبيلة أو الطائفة، محل ولائه لوطنه، فتتحول بذلك إلى أداة لقطع أواصل التراحم بين أفراد المجتمع الواحد، ومعولاً لهدم نسيج المجتمع الكويتي وترابط أفراده، وما يستتبعه ذلك من وجوب استقلال النائب وتحريره من ضغط الفئة أو الطائفة التي ينتمي إليها وتأثيرها عليه، حتى تكون المصلحة العامة هي العليا.  وفي المادة المطعون فيها من القانون رقم 45 لسنة 1962 بشأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة المضافة بالمرسوم رقم 9 لسنة 1998 المعدلة بالقانون 70 لسنة 2003 والخاصة بالانتخابات الفرعية. قد نصت المادة 45: "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تجاوز ألفي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين:،،،،،،،،،،، خامسا: كل من نظم أو اشترك في تنظيم انتخابات فرعية أو دعي إليها، وهي التي تتم بصورة غير رسمية قبل الميعاد المحدد للانتخاب لاختيار واحد أو أكثر من بين المنتمين لفئة أو طائفة معينه.
ويستلزم بيان خطورة المرشح الذي فيما لو وصل لمجلس الأمة عبر الانتخابات الفرعية لابد وان يؤدي اليمين والتي من مشتملات القسم احترام القانون وتطبيقه، فكيف يتأتى ذلك وهو بذاته المرشح قد اخترق القانون منذ البداية حينما وافق وقرر خوض تلك الانتخابات التي أوصلته، فيكون ما بني على باطل فهو باطل، وكيف للناخبين أن يثقوا بمرشح قد أتي بواسطة خرق القانون وارتكب جريمة يعاقب عليها القانون وهي الفرعية، ويتضح أيضا ان المعاقب على تلك الفرعية حين ثبوت ارتكابها هو كل من شارك بها سواء كان مرشحا ام ناخبا، وحتى المنظم لها، او من يروج أو يقدم الدعوة للمشاركة بها، وان ما تناقلته بعض وسائل الإعلام مؤخرا في الدولة من أحداث لإجراء انتخابات فرعية كان يجب على السلطات المختصة محاولة منعها، وليس فقط رصدها ولإثباتها لان الهدف من القانون ومن التجريم هو منع انتهاك القانون وليس المعاقبة على انتهاكه، وكان لابد من التدخل الهادئ وليس المهاجمة وذلك لثني البعض عن المضي والمشاركة بتلك الانتخابات والتوعية بخطورتها وسبب تجريمها.

الثلاثاء، 6 ديسمبر 2011

سلامة الاجراءات الدستورية

على خلفية ما يثار من جدل حول سلامة الإجراءات الدستورية دون التطرق لذلك الجدل، ووفقا للتسلسل المنطقي والزمني للأحداث، فقد تم قبول استقالة رئيس مجلس الوزراء والوزراء بناء على الأمر الأميري الصادر في 28 نوفمبر 2011، وتكليف كل منهم بتصريف العاجل من الأمور، وفقا للدستور نص المادة 103 "إذا تخلى رئيس مجلس الوزراء أو الوزير عن منصبه لأي سبب من الأسباب يستمر في تصريف العاجل من شؤون منصبه لحين تعيين خلفه"، فالأمر إلى هنا لا يثير أية إشكالية، ومن ثم صدر الأمر الأميري في 30 نوفمبر 2011 الرئيس الجديد لمجلس الوزراء وتكليفه بترشيح أعضاء الوزارة الجديدة استنادا لحكم المادة 56 من الدستور والتي نصت "يعين الأمير رئيس مجلس الوزراء، بعد المشاورات التقليدية، ويعفيه من منصبه كما يعين الوزراء ويعفيهم من مناصبهم بناء على ترشيح رئيس مجلس الوزراء، ويكون تعيين الوزراء من أعضاء مجلس الأمة ومن غيرهم، ولا يزيد عدد الوزراء جميعا على ثلث عدد أعضاء مجلس الأمة"، وبتاريخ 4 ديسمبر 2011 أدى رئيس الوزراء الجديد اليمين الدستورية، أمام حضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه، وفقا للدستور بنص المادة 126 " قبل أن يتولى رئيس مجلس الوزراء والوزراء صلاحياتهم يؤدون أمام الأمير اليمين المنصوص عليها في المادة 91 من هذا الدستور"، علما بأن الرئيس الجديد كان يشغل منصب وزاري في الحكومة السابقة، ولتفادي تلك الإشكالية وامتثالا للدستور وفق ما نصت عليه المادة 102 "لا يتولى رئيس مجلس الوزراء أي وزارة،،،،،."، فيعتبر أساسا مستقيل من منصبه الوزاري بحكم الاستقالة التي تقدم بها رئيس مجلس الوزراء الذي سبقه وبالتالي صدر المرسوم الأميري بنفس اليوم متزامنا مع صدور الأمر الأميري بتعيين رئيس الوزراء الجديد، بتاريخ 4 ديسمبر 2011، والذي بموجبه تم إسناد الحقيبة الوزارية التي كانت للرئيس الجديد إلى وزير آخر بذات الوزارة المستقيلة بالإضافة إلى عمله، وبذلك تكون الحكومة المستقيلة هي حكومة العاجل من الأمور برئاسة الرئيس الجديد المكلف باختيار أعضاء الحكومة الجديدة، وله أن يرأس اجتماعات حكومة العاجل من الأمور بافتراض أن الرئيس السابق للحكومة قد حالت ظروف أيا كان نوعها من منعه عن المشاركة وفي فرضنا هنا الاستقالة وتعيين رئيس بدلا منه، ولا توجد أية إشكالية في ذلك، وللحكومة المستقيلة النظر في كافة الأمور العاجلة التي تقتضيها الضرورة، ومن ذلك حل مجلس الأمة، فإذا رأت الحكومة أن هناك ضرورة ملحة تستدعي العجالة لها أن تنظر في ذلك، وهذا ما تم فعلا ففي 6 ديسمبر 2011 وبعد اجتماع مجلس الوزراء حيث يكون الاجتماع سري وبأغلبية الحضور صدر القرار بالموافقة على حل البرلمان، ومن ثم تم رفعه إلى سمو الأمير، وبالفعل صدر المرسوم الأميري بذلك، بناء على عرض مجلس الوزراء، لان حل البرلمان يصدر بالمرسوم الأميري وليس الأمر الأميري والمرسوم يكون بناء على عرض مجلس الوزراء ويحمل توقيعين توقيع سمو الأمير وتوقيع رئيس الحكومة، وأما الأمر الأميري فمن حق سمو الأمير منفردا ويحمل توقيع سموه فقط وليس من المعقول أن يحمل توقيع رئيس الوزراء لأنه في حالة تعيين الرئيس كيف للشخص أن يوقع تعيين نفسه بنفسه، والأصل العام أن سمو الأمير وهو أن يحكم عن طريق وزرائه وفق ما نصت عليه المادة 55 "يتولى الأمير سلطاته بواسطة وزرائه" واستثناء من ذلك الأصل لسمو الأمير دون العرض على مجلس الوزراء الحق منفردا في أمور ثلاثة، ترشيح ولي العهد، تعيين نائب الأمير، تعيين رئيس مجلس الوزراء.وفق نصوص الدستور.

الأربعاء، 30 نوفمبر 2011

اطلاق سراح المعتقلين

تعددت تعريفات الجريمة، ومن ابسطها أن الجريمة كل سلوك إنساني غير مشروع إيجابياً كان أم سلبياً عمدياً كان أم غير عمدي يرتب له القانون جزاء، وذلك السلوك تم تجريمه لحماية مصلحة المجتمع وأفراده من جميع النواحي التي تستدعي الحماية لينعم بالأمن والاستقرار، ويتأتى ذلك بوضع قواعد قانونية تخاطب ويعلم بها الكافة تبين السلوك المنحرف، والقاعدة القانونية ماهي إلا القانون الذي وضعه المشرع تلبية لاحتياجات المجتمع، والمشرع ما هو إلا مجموعة من أفراد المجتمع المنتخبين في الدول الديمقراطية وضعوا نصب أعينهم المصلحة العامة ليتم سن القوانين بواسطتهم تلك القوانين التي تحقق الصالح العام والتي ينادي بسنها وتطبيقها الأفراد وتلبي احتياجات الأمة. لذا المناداة بحق لإطلاق سراح المعتقلين في حادثة المجلس تعتبر احدى الاحتياجات التي ينادي بها شريحة من أفراد المجتمع لا يستهان بهم، حيث أن الشباب المعتقلين في الوقت الحاضر بتهمة اقتحام مجلس الأمة تصرفهم كان بدافع الاعتبار السياسي، ولهم مطالب منها المطالبة باستقالة الحكومة وذلك أثناء تجمع أو اعتصام سلمي، وقد دفعهم الحماس دون سبق لأي إصرار أو ترصد أو حتي الاتفاق، لارتكاب فعل تحت تأثير انفعالهم السياسي، ونحن بالكويت حديثو عهد بالاعتصامات والتجمع في ساحة الإرادة، يجب أن تؤخذ كل تلك الأمور مجتمعة بعين الاعتبار خصوصا بعد تحقق جزء من المطالب فعلا وهو استقالة الحكومة، علما بأن الركن المعنوي للجريمة غير متوافر في حقهم، وان فعلهم يقتصر علي طريقتهم في التعبير عن الرأي هدفهم إيصال رسالة معينة، دون تحقيق أي مصلحة شخصية، بل المصلحة المنشودة لديهم هي الصالح العام حسب رأيهم، علما انهم مواطنين ولا يخشي منهم الهرب، فاستمرار حجزهم قد يراه البعض غير مبرر وفيه إهدار لحريتهم حيث أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته، خصوصا وان البعض منهم قد اخلي سبيله بكفالة مادية، والإفراج عنهم أمر محمود لكسب ذويهم وإعطائهم فرصة لإصلاح انفسهم حسبما يرى البعض أن تصرفهم خاطئ وأيضا يحقق ترطيب الأجواء مع الشارع وتخفيف الاحتقان السياسي، وبعد الإفراج بفترة زمنية، يجوز للنيابة أن تحفظ القضية دون رفعها للمحاكم اكتفاء بالإجراءات التي سبقت، والنيابة العامة هي ممثل المجتمع صاحبة سلطة الادعاء العام، وهى الخصم النبيل الذى يحرص دائما على حماية حقوق المجتمع وحرياته، وسلطة النيابة العامة على الدعوى الجنائية مطلقة، بلا معقب خصوصا في مرحلة التحقيق، ولها أن تفرج عن المتهم بكفالة مالية أو بأي ضمان آخر تراه مناسبا. وفى نهاية مرحلة التحقيق فإن للنيابة العامة أن تحفظ أوراق الدعوى أو تصدر أمرا بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى، على عكس ما يردد البعض بأن على مكتب مجلس الأمة أن يسحب الدعوى، لان الجرائم المتهم بها الشباب المعتقل ليست من تلك الجرائم التي يستلزم تحريك الدعوي فيها شكوى من المجلس أو غيره أي أنها من الدعاوى الغير معلقة علي شكوى لتحريكها، وان ما قام به مكتب مجلس الأمة هو الإبلاغ عن الواقعة، وان كان سحب البلاغ محل اعتبار لدى الأوساط السياسية، وله تأثيره في حين تقرير النيابة حفظ الأوراق، وكذلك من بين التهم التي وجهت للمعتقلين تلك التي تخص المال العام وبالتالي ليس من اختصاص وزير الداخلية الأمر بحفظ القضية حسب المادة 104 إجراءات جنائية لورود حظر المشرع التقرير بحفظ التحقيق نهائياً لعدم الأهمية في حالات معينة منها المادة 5/4 من قانون رقم 1 لسنة 1993 بشأن الأموال العامة المعدل بالقانون رقم 74 لسنة 2003 من أنه "...لا يجوز تطبيق نص المادة 104 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية المشار إليه بأي حال على الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون"، وبالتالي يكون الأمر مرهون بيد النيابة العامة فقط، ويجب أن يؤخذ الباعث السياسي على محمل الجد لحفظ القضية خاصة إنها تخص شريحة كبيرة من المواطنين ومن مختلف الفئات والأعمار، وقيامهم بالإضراب عن الطعام أثناء فترة الاعتقال لتوضيح موقفهم قد يسبب الإضرار بصحتهم، والهدف من إقامة القانون وتطبيقه يتنافى مع ما يتعرضون له من ضرر، والجمعيات العامة في المجتمع والمطالبة الشعبية المتصدية للدفاع عنهم بأصوات تتعالي تنادي بإطلاقهم، فكما تبين أعلاه أن القانون لتلبية احتياجات المجتمع، فالرسالة السياسية لتلبية احتياجات الأمة. والعبء الأكبر لإيصال رسالة حفظ القضية ملقى على عاتق النواب المرافقين لهم.

الخميس، 24 نوفمبر 2011

الاستجواب الأخير

في 9/12/2003م وقعت حكومة الكويت علي "اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد"، بعد ما أعلنت عنها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 30/10/2003م وقد دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ عالميا في  14/12/2005  وإن الدولة بعد المصادقة على أي اتفاقية تلتزم فور هذه المصادقة بتنفيذ وتطبيق ما جاء فيها من أحكام قانونية, وفي ذلك تقول المادة 26 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات بين الدول لعام 1969 أنه يجب على الدولة أن تقوم - وبحسن نية - بتنفيذ الاتفاقيات الدولية التي التزمت بها.  وان عدم إصدار قوانين داخلية أو لوائح تنفيذية لا يجوز أن يكون سببا في عدم تنفيذ الاتفاقيات الدولية, وفي ذلك تقول المادة 27 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات بين الدول لعام 1969 أنه لا يجوز لأي دولة طرف في اتفاقية دولية، أن تحتج بقوانينها الداخلية كسبب لعدم تنفيذ التزاماتها الدولية. أقر مجلس الأمة بجلسته في 21 /11/ 2006، الموافقة علي اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، بالإجماع في المداولة الأولي و كذلك في المداولة الثانية استثناء من المادة 104 من اللائحة الداخلية و تقرر إحالته إلى الحكومة. ومن ثم صدر القانون رقم 47 لسنة 2006 بتاريخ 4/12/2006، ونشر في العدد 797 من الجريدة الرسمية 10/12/2006 وبعد ذلك قامت الحكومة بإيداع موافقة دولة الكويت على الاتفاقية لدى الأمين العام للأمم المتحدة في 16/2/2007، وتعتبر الاتفاقية جزأ لا يتجزأ من القانون الكويتي وفقا للمادة 70 من الدستور وأصبحت الاتفاقية نافذة في دولة الكويت بتاريخ 17/3/2007، باستثناء ما ورد في المادة الأولى من قانون إقرارها من تحفظات، علي بنود جزئية من بعض المواد والتي تخص إلزامية التحكيم، والأساس القانوني لتسليم المجرمين. وتقرر الفقرة الأولي من الخامسة من الاتفاقية ما يلي: "تقوم كل دولة طرف، وفقا للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني، بوضع وتنفيذ أو ترسيخ سياسات فعالة منسقة لمكافحة الفساد، تعزز مشاركة المجتمع وتجسد مبادئ سيادة القانون وسن إدارة الشؤون والممتلكات العمومية والنزاهة والشفافية والمساءلة". وكذلك تقرر الفقرة الخامسة من المادة الثامنة: "تسعى كل دولة طرف، عند الاقتصاد ووفقا للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلي، إلى وضع تدابير ونظم تلزم الموظفين العموميين بأن يفصحوا للسلطات المعنية عن أشياء منها ما لهم من أنشطة خارجية وعمل وظيفي واستثمارات وموجودات وهبات أو منافع كبيرة قد تفضي إلى تضارب في المصالح مع مهامهم كموظفين عموميين".
مواكبة لقرار التفسير رقم 10 لسنة 2011 الصادر من المحكمة الدستورية، بمناسبة الاستجواب السابق المقدم لسمو رئيس مجلس الوزراء (وقد تم تناول ذلك في موضوع مستقل سابق من هذه المدونة في نهاية شهر أكتوبر بعنوان الاستجواب بين الدستورية والمجلس)، فقد تقدم بعض من النواب مؤخرا باستجواب جديد لسموه، حيث رأى المستجوبون أن رئيس الوزراء تجاهل القانون رقم 47 لسنة 2006، وبذلك يوجب قيام مسؤولية رئيس مجلس الوزراء, ويحق بالتالي لأعضاء مجلس الأمة استجوابه إما بسبب الامتناع عن وضع السياسة العامة, أو بسبب تعارض تلك السياسة مع الدستور أو المصلحة العليا للدولة, أو بسبب التراخي في تنفيذ السياسة العامة المقررة حتى لو كانت إجراءات تنفيذ تلك السياسة العامة من اختصاص وزارة أو وزارات بعينها, ذلك أن امتناع تلك الوزارات مجتمعة أو امتناع بعضها عن القيام بواجباتها يشكل, في حقيقة الأمر, "سياسة عامة" جوهرها الامتناع عن القيام بالواجبات, وهو ما يسأل عنه رئيس مجلس الوزراء ويستدعي محاسبته حتما. وان الحكومة لم تبادر إلى وضع وتنفيذ أو ترسيخ سياسات فعالة منسقة لمكافحة الفساد, إرساء وترويج ممارسات فعالة تستهدف منع الفساد, إنشاء هيئة لمكافحة الفساد. وذلك استنادا لنص المادة (100) من الدستور التي تمنح "لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة الحق في أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء وإلى الوزراء استجوابات عن الأمور الداخلة في اختصاصاتهم ...".
ويتضح من الاستجواب المقدم أن السلطة التشريعية تضع اللوم علي التنفيذية لتقاعسها في إصدار قانون مكافحة الفساد دون مبرر، خصوصا بعد التصديق علي الاتفاقية بقانون كما هو مبين أعلاه وهو ما يجعل لأحكام الاتفاقية  قوة القانون، فلو لم تشترط الفقرة الخامسة من المادة الثامنة لنفاذ الأحكام وضع التدابير التشريعية لكان حكم الاتفاقية بذاته نافذا وملزما، وبما أن المسئولية تقع علي جميع السلطات العامة الموجودة في الدولة بما فيها ذلك السلطة التشريعية، فإنه من المخالفات التي قد ترتكبها السلطة التشريعية عدم قيامها بإصدار القوانين اللازمة لوضع الاتفاقيات والالتزامات الدولية موضع التنفيذ, وذلك لأن الدولة كوحدة واحدة وبالتالي تعتبر أعمال سلطاتها العامة أعمالاً منسوبة إلى الدولة ككل. وإن عدم إصدار مجلس الأمة لقوانين لوضع بعض أحكام اتفاقية مكافحة الفساد موضع التنفيذ هو تقصير وخطأ لا يجوز أن يستفيد منه من تسبب في وقوعه, وذلك لأن المصادقة على الاتفاقية منذ فترة زمنية تصل لخمس سنوات تعتبر مدة كافية لإصدار القوانين اللازمة لوضعها موضع التنفيذ. وبالتالي لا يجب أن يكون اللوم علي سلطة دون الأخرى لان التعاون واجب فيما بين السلطات، ولان الاستجوابات في الفترة الأخيرة توالت استجواب تلو الآخر فيعتبر هذا الاستجواب هو الأخير فاذا لم تتحقق في مجلس الأمة الأغلبية اللازمة لإصدار قرار "بعدم الثقة" أو "بعدم التعاون"، يتوجب على بعض أعضاء مجلس الأمة التابعين للكتل الداعمة للاستجواب الوفاء بالوعد الذي قطعوه على انفسهم أمام الجماهير وتقديم استقالاتهم، وبالتالي قد لا يكون هناك أي استجواب قادم.

الأحد، 20 نوفمبر 2011

تشكيك نوايا الأعضاء المنسحبين

تطبيقا لما نص عليه الدستور في المادة - 114 "يحق لمجلس الأمة في كل وقت أن يؤلف لجان تحقيق أو يندب عضوا أو أكثر من أعضائه للتحقيق في أي أمر من الأمور الداخلة في اختصاص المجلس، ويجب علي الوزراء وجميع موظفي الدولة تقديم الشهادات و الوثائق و البيانات التي تطلب منهم". والمادة 147 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة "يحق لمجلس الأمة في كل وقت أن يؤلف لجان تحقيق أو يندب عضوا أو أكثر من أعضائه للتحقيق في أي أمر من الأمور الداخلة في اختصاص المجلس، ويجب على الوزراء وجميع موظفي الدولة تقديم الشهادات والوثائق والبيانات التي تطلب منهم. ويشترط أن يكون طلب التحقيق موقعا من خمسة أعضاء على الأقل". وما يستلزمه العمل بمبدأ الشفافية، فقد تقدم مجموعة من النواب باقتراح يبين مدى تطبيق بنك الكويت المركزي للقانون رقم 35 لسنة 2002 في شأن مكافحة عمليات غسيل الأموال، وذلك بمراقبة البنك بواسطة اثنان من النواب يختارهم مجلس الأمة والتفتيش على الكشوفات لدى البنك لمعرفة أن تم تطبيق القانون على أي عملية إيداع تزيد قيتها عن ثلاثة آلاف دينار في البنوك المحلية وبيت التمويل الكويتي، وذلك منذ تاريخ نفاذ قانون مكافحة عمليات غسيل الأموال في 1 مايو 2002، أي بما معناه أن أي عملية إيداع لمبلغ ثلاثة آلاف دينار أو ما يفوق ذلك المبلغ لدى أي بنك محلي يجب علي البنك إخطار البنك المركزي ويقوم الأخير بالتحقق من مصدر تلك الأموال ووجود شبهة غسيل الأموال من عدمه، وذلك حسب ما يتوجب القانون المذكور، وفق نص المادة 3 "يجب على البنوك وشركات الاستثمار ومؤسسات وشركات الصرافة وشركات التامين وغيرها من المؤسسات المالية والأشخاص الذين يصدر بتحديدهم قرار من وزير المالية الالتزام بما يلي:- أولا: عدم الاحتفاظ بأي حسابات مجهولة الهوية ،،،،،. ثانيا: التحقق من هوية عملائها وفقا لوثائق رسمية،،،،.   ثالثا: الاحتفاظ بجميع المستندات والوثائق الخاصة بالمعاملات التي أجرتها سواء كانت محلية أو خارجية بما فيها صور من الهوية الشخصية لعملائها، وذلك لمدة خمس سنوات على الأقل من تاريخ إتمام المعاملة. رابعا: الإبلاغ عن أي معاملة مالية مشبوهة اتصل علمها بها. خامسا: تبني سياسة تدريب للمسئولين والعاملين،،،،،،. سادسا: تبني إجراءات العمل ونظم الرقابة الداخلية الملائمة بما يمكنها من اكتشاف أي من تلك العمليات فور وقوعها والحيلولة دون استغلالها لتمرير العمليات المشبوهة. كما يجب على تلك المؤسسات المالية والأشخاص الالتزام التام بالتعليمات والقرارات الوزارية التي تصدر إليها من الجهات الحكومية المشرفة عليها بخصوص البنود السابق ذكرها وكذلك بأي تعليمات وقرارات وزارية أخرى ذات صلة بمكافحة عمليات غسيل الأموال".
ويتضح أن هذا المقترح قرار إجرائي بحت للتأكد من صحة تطبيق القانون المذكور أعلاه وأيضا لبيان مدي ملائمة وكفاءة القانون المعمول به لمعالجة أوجه الخلل والقصور فيه إن استلزم الأمر، عن طريق تعديله أو إضافة ما يسد ثغراته إن وجدت، علما بان تلك المراقبة والمراجعة تتم علي جميع عمليات الإيداع التي انطبق عليها شرط القيمة ثلاثة آلاف دينار والتي تمت في الفترة المذكورة، والإجراءات التي اتخذها بنك الكويت المركزي حيال كل إيداع تم إبلاغه به، والإيداعات المشبوهة إن وجدت في كل بنك على حدة، ومبلغ كل إيداع، وتاريخ إيداعه، واسم البنك المودع لديه، وتاريخ إبلاغ كل من النائب العام وبنك الكويت المركزي به، وأسباب التأخير في الإبلاغ إذا وجد وأسباب عدم الإبلاغ عنها إن كان ذلك، وكما تبين أن القرار المقترح أتي بجهد يشكر عليه ولكن نظرا لعدم إقراره بسبب عدم موافقة أغلبية الحضور في المجلس، وان تزامن طرح القرار للتصويت مع انسحاب عدد كبير لا يستهان به من الأعضاء علي اثر الخلاف الذي نشأ بعد طلب الحكومة لسحب الاستجواب المقدم لسمو رئيس مجلس الوزراء استنادا لقرار التفسير الصادر من المحكمة الدستورية، (وقد تم تناول ذلك في موضوع مستقل سابق من هذه المدونة في نهاية شهر اكتوبر بعنوان الاستجواب بين الدستورية والمجلس)، وبعد الاستجابة لطلب الحكومة بسحب الاستجواب انسحب النواب، ومن ثم تم إدراج القرار المقترح أعلاه للتصويت ولم يحظى بتصويت الأغلبية، إلا أن الملفت للنظر ما تناولته بعض الصحف وبعض وسائل الإعلام من أن القرار المقترح هو قانون مكافحة الفساد والذي يكشف الإيداعات المليونية والشبهات التي أثيرت مؤخرا علما بانه ليس كذلك وبالتالي ذلك النقل في الإعلام للقرار أساء كثيرا للأعضاء المنسحبين من الجلسة وتشكيك بالنوايا لهم، حتي خيل للبعض ممن لم يطلع بالقدر الكافي أن هؤلاء قد تعمدوا عدم حضور التصويت حتي لا ينال الاقتراح ثقة الأغلبية, علما بأن هذا القرار قد يصطدم في تطبيقه في البند ثالثا من المادة الثالثة المذكورة أعلاه، وتواجه صعوبات لتطبيقه نظرا  لطول الفترة الزمنية المراد مراجعتها، ويعتبر تدقيق ومراجعة لعمل البنك المركزي وهل قام بالواجب المناط به وفق القانون ام لا، ويبقي قانون مكافحة الفساد أو الكسب الغير مشروع (وقد تم تناول ذلك في موضوع مستقل سابق من هذه المدونة في بداية شهر اكتوبر بعنوان إقرار الذمة بين الموافقة والرفض، وأيضا موضوع آخر في بداية شهر سبتمبر بعنوان رشوة، وغسيل أموال) المقصود حديث الساحة لايزال في طور الصياغة في مطبخ القانون، وانه ليس بدفاع عن الأعضاء المنسحبين إلا أن الحقيقة تستلزم بيانها بانهم ولا يجوز تشويه صورتهم وإنكار دورهم الحقيقي وقد بذلوا ما بوسعهم في المطالبة بإقرار قانون الذمة المالية، الذي سيرى النور قريبا.

الجمعة، 11 نوفمبر 2011

من كان بلا ذنب فليرمي الحجر

المادة 104 من قانون الإجراءات الجزائية تجيز لوزير الداخلية أن يصدر قرارا بحفظ التحقيق نهائيا ولو كانت هناك جريمة، وهذه المادة يدعي البعض بمخالفتها للدستور استنادا لتعارضها مع نص المادة 167 من الدستور "تتولى النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع, وتشرف على شؤون الضبط القضائي, وتسهر على تطبيق القوانين الجزائية وملاحقة المذنبين وتنفيذ الأحكام ويرتب القانون هذه الهيئة وينظم اختصاصاتها ويعين الشروط والضمانات الخاصة بمن يولون وظائفها  ويجوز أن يعهد بقانون لجهات الأمن العام بتولي الدعوى العمومية في الجنح على سبيل الاستثناء, ووفقا للأوضاع التي يبينها القانون"، ورأي آخر يرى بأن ذلك التعارض قد نسخ بصريح المادة 180 من الدستور "كل ما قررته القوانين و اللوائح و المراسيم و الأوامر والقرارات المعمول بها عند العمل بهذا الدستور يظل ساريا ما لم يعدل أو يلغ وفقا للنظام المقرر بهذا الدستور, وبشرط ألا يتعارض مع نص من نصوصه". ويرى أيضا أن قرار الحفظ يجوز إصداره في الجنح من دون الجنايات. لكن الرأي الراجح أن قرار الحفظ المنصوص عليه في تلك المادة يختص بالجنح والجنايات وان كانت الجنايات هي المعنية بتلك المادة, لأن الجنح أساسا بيد سلطة التحقيق والتي تخضع للوزير نفسه وبالتالي هي بسلطته، والدليل حينما أدخل المشرع الجزائي تعديلاً على أحكام قانون الإجراءات بالقانون رقم 6 لسنة 1996، بإضافة مادة برقم 104 مكررا "يجوز للمجني عليه في جناية أو جنحة أو لأي من ورثته وإن لم يدع مدنيا التظلم من قرارات الحفظ المشار إليها في المواد السابقة، خلال شهرين من تاريخ إعلانه أو علمه بقرار الحفظ، وذلك أمام محكمة الجنايات أو محكمة الجنح المستأنفة بحسب الأحوال". وتفصل المحكمة منعقدة في غرفة المشورة في التظلم بعد سماع أقوال من ترى لزوم سماع أقواله ولما كان الميعاد المقرر في هذه المادة للتظلم ميعادا قصيرا فقد تم زيادة هذا الميعاد إلى شهرين بتعديل أحكام المادة السابقة بالقانون 74 لسنة 2003، وأيضا مما يدل علي أن قرار الحفظ يجوز بالجنايات حظر المشرع التقرير بحفظ التحقيق نهائياً لعدم الأهمية في حالات معينة منها المادة 5/4 من قانون رقم 1 لسنة 1993 بشأن الأموال العامة المعدل بالقانون رقم 74 لسنة 2003 من أنه "...لا يجوز تطبيق نص المادة 104 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية المشار إليه بأي حال على الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون". وكذلك ما جاء بالقانون رقم 88 لسنة 1995 في شأن محاكمة الوزراء في المادة 7/3 منه التي تنص على أنه "...لا يجوز في صدد تطبيق أحكام هذا القانون، إعمال نص المادة 104 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية". علما بأن التقرير للسلطة التنفيذية بحفظ التحقيق والذي يترتب عليه عدم السير قدما في الدعوى الجنائية أمر خطير للغاية، وقد تكون بحق المادة 104 من أخطر مواد قانون الإجراءات الجنائية رقم 17 لسنة 1960، وتنص "لرئيس الشرطة والأمن العام أن يصدر قرارا بحفظ التحقيق نهائيا ولو كانت هناك جريمة وكانت الأدلة كافية اذا وجد في تفاهة الجريمة أو في ظروفها ما يبرر هذا التصرف". والمقصود برئيس الشرطة والأمن العام هو وزير الداخلية لان القانون تم وضعه قبل الدستور وقبل تشكيل الوزارة و كان ذلك المسمى الوظيفي حينذاك، وقد  كانت هناك محاولات في غير مرة لتعديل القانون وإلغاء هذه المادة إلا أن احد أصحاب الرأي السديد قد أشار بضرورة وجود هذه المادة بالرغم من خطورتها ليتم التعامل بها في قضايا السمعة والعرض، وهذا بينته أيضا المذكرة التفسيرية لقانون الإجراءات، ولان المجتمع الكويتي صغير وذو خصوصية ومثل تلك القضايا لها حساسية إن لم يتم التعامل مع بعضها بالحفظ، والقانون هو وليد البيئة الاجتماعية كضرورة لتنظيمها وفي نفس الوقت يعتبر القانون تعبير صادق عن الواقع ويتفاعل معه لذا فالقانون يلبي احتياجات المجتمع لاستقراره، ومثالا على ذلك لو أن رجلا تشاجر مع امرأة في الطريق العام، يجوز تفعيل المادة 104 بحفظ القضية كونها مجرد جنحة مشاجرة، ولا يمكننا القول بانها جريمة أخرى نص عليها قانون الجزاء إلا بتوافر الأدلة القاطعة، ولو كانت الجريمة ليست من قبيل الجرائم المعلقة على شكوى والتي نصت عليها المادة رقم 109 "لا يجوز رفع الدعوى الجزائية إلا بناء على شكوى المجني عليه في الجرائم الآتية : أولا - جرائم السب والقذف وإفشاء الأسرار. ثانيا - جريمة الزنا.  ثالثا - جرائم خطف الإناث. رابعا - جرائم السرقة والابتزاز والنصب وخيانة الأمانة ، اذا كان المجني عليه من أصول الجاني أو فروعه أو كان زوجه. اذا كان المجني عليه قاصرا ، كان لوليه الشرعي أن يقدم الشكوى نيابة عنه ، فإذا تعذر ذلك حل النائب العام محل الولي في هذا الصدد". وإن كان هناك تنازل يجب أن يؤخذ بالاعتبار خصوصا وأن التنازل يؤخذ به في ابشع صور الجرائم  وهي جرائم القتل، علما بأن التنازل يسري بحق من صدر منه عند الادعاء بالحقوق المدنية، ولا يجب إدانة المتهم قبل تقديمه وتمكينه من الدفاع عن نفسه أمام محاكمة عادلة تتوافر فيها الضمانات، مما يستلزم الأجهزة الأمنية بالتدخل الفوري لبحث الموضوع من كل جوانبه للحد من التشهير بالمتهم وتشويه سمعته، خصوصا وان شخص المتهم أحيانا هو الأساس لتفاعل الرأي العام مع الحدث، وأهمية الحدث قد تختلف  باختلاف الشخص، وسائر الأفراد أمام القانون على حد سواء، ولا يجوز توقيع عقوبة جزائية إلا بعد محاكمة تجري وفقا للقواعد التي يقررها القانون حسب المادة رقم 1 من قانون الإجراءات، فكما عدم سريان قانون الجزاء يولد شعور سلبي لدى أفراد المجتمع, فأن الإعلام وتصريحات ذوي السطوة من أعيان المجتمع يعتبر تدخل سافر بأعمال السلطة، له صدى وتأثير سلبي من تضخيم للقضية في سير الدعوى لتعارضه مع الإجراءات القانونية المقررة وتطبيق العدالة ومبدأ محكمتي النقض والتمييز "أن يفلت عشرة متهمين من العقاب خير من أن يدان برئ واحد"، ولا يجب التشفي من شخص المتهم بحجة تطبيق القانون لأن ذلك نداء حق يراد به باطل والله أعلم بالخفايا والنوايا، والعقوبة أن قررها القانون تعتبر إيلام وليست انتقام، بل يجب ترك القانون يأخذ مجراه وأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته، وكلنا بشر والبشر خطاؤون،  والخطأ متوقع من كل أحد لولا فضل الله ورحمته، ومن كان منا بلا ذنب فليرميه بالحجر.

الجمعة، 4 نوفمبر 2011

المنشطات الرياضية بين الاباحة والتجريم (8)

الفرع الثاني
الجناية في الألعاب الرياضية في الفقه الإسلامي
 الجناية لغة:
من الجيم والنون والياء وهى اصل واحد وهو اخذ الثمرة من شجرها ثمر يحمل على ذلك يقال : جني – جناية – أي – أذنب.
 الجناية في الاصطلاح الفقهي:
هي اسم لفعل محرم في النفس والأطراف وقيل هي فعل الجاني الموجب للقصاص. وقيل هي التعدي على الأبدان عما يوجب قصاص أو مال أو كفارة. ويميز الفقه الإسلامي في الأضرار التي تصيب الجسد، أما أن تترتب عليها جناية على النفس وأما جناية على ما دون النفس. بيد أن الفقه الإسلامي، يقرر التعويض في الحالين، فإصابة الجسد بأي ضرر يتوجب جبره ولو لم يسبب خسارة مادية أو ضرر معنوي، وقد يكون الجاني متعمدا أو من غير عمد. وعليه سنتناول الجناية في الألعاب الرياضية في الفقه الإسلامي في مقصدين، يتناول الأول الألعاب التي لا تقوم علي استعمال القوة، فيما نفرد الثاني للألعاب التي تقوم علي استعمال القوة.
المقصد الأول
الألعاب التي لا تقوم على استعمال القوة
إذا نشأت الإصابات الرياضية عن لعبة لا تقوم على استعمال القوة والعنف بين اللاعبين وليس في ممارستها ما يستلزم استعمال القوة مع الخصم أو يتعمد ضربه أو يعرضه للجرح، ففي هذه الإصابات يرجع إلى القواعد العامة للجناية في الشريعة الإسلامية لأنها ليست من ضروريات اللعبة. وبناء على ذلك إذا تعمد احد اللاعبين إيقاع هذه الإصابة فهو مسئول عن جنايته باعتبارها جريمة عمديه، وان كانت الإصابة بسبب إهمال أو استعجال فيكون مسئولا عنها أيضا بوصفها جريمة غير عمديه. واختلف الفقهاء في فعل الخاطئ هل يوصف بالجناية؟
وللإجابة علي هذا التساؤل هناك قولان:-
احدهما: أن فعل الخاطئ والناسي لا يوصف بالجناية والحظر لان فعل الخطأ والنسيان مما لا يمكن التحرر عنه فكان عذرا.
وثانيهما: أن فعل الخاطئ والناسي جناية وحرام لان فعلهما جائز المؤاخذة عليه عقلا وإنما رفعت المؤاخذة شرعا مع بقاء وصف الحظر والحرمة.
المقصد الثاني
الألعاب التي تقوم على استعمال القوة
إذا كانت الإصابة قد نشأت عن لعبة تستلزم استعمال القوة والعنف بين اللاعبين كالمصارعة والملاكمة فحكمها يختلف باختلاف الحالة التي تصاحبها وذلك على النحو الأتي:
الحالة الأولي: ألا يتعدى اللاعب الحدود المرسومة اللعبة.
فإن الإصابة الناشئة عن لعبة تقوم على استعمال القوة ولم يتعد محدثها الحدود المرسومة للعب فلا قصاص فيها، ولكن اختلف العلماء في حكم ضمانه بالدية وذلك في قولين:- الأول: وهو مذهب أبو حنيفة والشافعي انه يضمن الدية ولا قصاص، لان المأذون فيه هو اللعب لا القتل واللعب اسم الفعل يبقي اللاعب حيا بعده، فإذا مات تبين انه قتل وليس لعب وهو غير مأذون بالقتل. والثاني: وهو مذهب محمد وأبو يوسف ومالك والحنابلة انه لا يضمن لأنه مأذون في اللعب والقاعدة عندهم (المتولد من الفعل المأذون فيه لا يكون مضمونا) كما لو عزر الإمام إنسانا فمات. والراجح إذا لم يتعد اللاعب الحدود المرسومة للعبة وأسفر عن فعله إصابة  للغير انه يضمن الدية ولا قصاص.
الحالة الثانية: أن يتعدى اللاعب الحدود المرسومة للعبة.
إذا كانت الإصابة الناشئة من لعبة تستلزم استعمال القوة وتعدى اللاعب حدود اللعب وأحدث بزميلة إصابة ما، ففي هذه الحالة تعد الجريمة عمديه إذا تعمدها وجريمة غير عمديه إذا لم يتعمدها. وإذا جرح اللاعب فعليه القصاص. فان مات بسبب اللعب وتعدى اللاعب حدود اللعبة بما يقتل غالبا ففيه القصاص بشروطه قياسا على القتل بمحدد بجامع انه قتل عمد. وهناك رأي معاصر يري أن المأذون فيه هو اللعب لا الجناية، وهو غير مأذون بها فيضمن.  ولا تجوز المصالحة على أكثر من الدية في القتل الخطأ وشبه العمد.  ويجب على القاتل أيضا تحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين لقوله تعالى: "وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فان كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وان كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما" .( سورة النساء أية 92).
حكم عمد الخطأ في اللعب:
اختلف الفقهاء في عمد الخطأ وهو أن يتعمد الفعل ويخطئ في القصد مثل أن يلطمه أو يلكزه فيموت ، فذهب الجمهور إلى أن فيه الدية دون القود للحديث الشريف "عفي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه". القتل العمد أن يقتل قصدا بما يغلب على الظن موته عالما بكون المقتول ادميا معصوما فلا قصاص بما لا يقتل غالبا. أي أن الجاني يقصد إيقاع القتل بوسيلة تحقق النتيجة غالبا، بحيث ينتهي الفعل إلى إحداث موت المجني عليه. وذهب الشافعي إلى انه إن كرر الضرب حتى مات فعليه القود وذهب مالك إلى أن فيه القود.
حكم جناية اللاعب المسلم على اللاعب غير المسلم 
إذا لعب المسلم مع غير المسلم وتعدى اللاعب المسلم حدود اللعبة، وقام بالجناية على اللاعب غير المسلم، وأفضى ذلك إلى وفاة الأخير أو جرحه تجب الدية لغير المسلم وعلى المسلم الصيام شهرين متتابعين ولا يقتص منه على قول جمهور الفقهاء. واستدل الجمهور بقول الرسول صلي الله عليه وسلم "المؤمنون تتكافأ دماءهم ويسعى بذمتهم أدناهم ولا يقتل مؤمن بكافر رواه أحمد، والنسائي. والراجح هو قول الجمهور من عدم قتل المسلم بالكافر مطلق ولكن لا يعني ذلك عدم العقوبة بل يستحق العقوبة التعزيرية التي يراها الحاكم رادعة وزاجرة لغيره.
حكم إن تنازل اللاعب مسبقا عما يصيبه من أضرار
اختلف الفقهاء في جواز إباحة الإنسان نفسه للآخرين والإذن لهم بالتعدي عليها. هل يعفى الجاني من المسئولية أو لا ؟ هناك قولان:-
ذهب أصحاب القول الأول وهم الحنفية والحنابلة إلى أن إباحة المجني عليه الاعتداء على نفسه، للعب جائز وصحيح ولا يسأل المعتدي. وقد ذكر أصحاب هذا الرأي إن وجوب ممارسة اللعبة يقضي بذاته إباحة ما يصاحبها عادة من إصابات في الحدود المعروفة فلا يضمن المعتدي.
أما أصحاب القول الثاني وهم المالكية: فقد ذهبوا إلى انه لا يحق للإنسان إباحة الجناية عليه ولا يبدأ المعتدي فإذا اعتدى احد اللاعبين على الأخر، لا يستطيع أن يبرر فعله بإجازة المعتدي عليه هذا الفعل. وعلى كل حال فلا بد من رفع الجناية للحاكم من اجل الفصل وان المرء لا يقتص لنفسه. والراجح هو انه لا يحق للإنسان أن يبيح نفسه للغير لأنه لا يملك جسده وهو أمانه عنده وتصرفه فيه مقيد بما حددته الشريعة الإسلامية.

---------------------------------------------
(كما وعدتكم سأقوم بنشر البحث، علي شكل أجزاء متسلسلة، ترقبوا الجزء التالي بأقرب وقت)

الجناية في الألعاب الرياضية في الفقه الإسلامي

الفرع الثاني
الجناية في الألعاب الرياضية في الفقه الإسلامي
الجناية لغة:
          من الجيم والنون،،،، يحمل على ذلك يقال : جني – جناية – أي – أذنب[1] .
الجناية في الاصطلاح الفقهي:
هي اسم لفعل محرم في النفس والأطراف ،،،،،،،،،،،،،،،[2].
وقيل هي التعدي على الأبدان عما يوجب قصاص أو مال أو كفارة[3].
ويميز الفقه الإسلامي في الأضرار التي تصيب الجسد، ،،،،،،،،،،[4].
وعليه سنتناول الجناية في الألعاب الرياضية في الفقه الإسلامي في مقصدين، يتناول الأول الألعاب التي لا تقوم علي استعمال القوة، فيما نفرد الثاني للألعاب التي تقوم علي استعمال القوة.
المقصد الأول
الألعاب التي لا تقوم على استعمال القوة
إذا نشأت الإصابات الرياضية عن لعبة لا تقوم على استعمال القوة والعنف بين اللاعبين ،،،،،،،،،،،،،،،، لأنها ليست من ضروريات اللعبة.
وبناء على ذلك إذا تعمد احد اللاعبين إيقاع هذه الإصابة فهو مسئول عن جنايته باعتبارها جريمة عمديه، وان كانت الإصابة بسبب إهمال أو استعجال فيكون مسئولا عنها أيضا بوصفها جريمة غير عمديه[5].
 واختلف الفقهاء في فعل الخاطئ هل يوصف بالجناية؟
وللإجابة علي هذا التساؤل هناك قولان:-
احدهما: أن فعل الخاطئ والناسي لا يوصف بالجناية والحظر لان فعل الخطأ والنسيان مما لا يمكن التحرر عنه فكان عذرا.
وثانيهما: أن فعل الخاطئ والناسي جناية وحرام لان فعلهما جائز المؤاخذة عليه عقلا وإنما رفعت المؤاخذة شرعا مع بقاء وصف الحظر والحرمة[6].
المقصد الثاني
الألعاب التي تقوم على استعمال القوة
إذا كانت الإصابة قد نشأت عن لعبة تستلزم استعمال القوة والعنف بين اللاعبين كالمصارعة والملاكمة فحكمها يختلف ،،،،، وذلك على النحو الأتي:
الحالة الأولي: ألا يتعدى اللاعب الحدود المرسومة اللعبة.
فإن الإصابة الناشئة عن لعبة تقوم على استعمال القوة ولم يتعد محدثها الحدود المرسومة للعب فلا قصاص فيها، ولكن اختلف العلماء ،،،،، وذلك في قولين:-
الأول: وهو مذهب أبو حنيفة والشافعي انه يضمن الدية ولا قصاص، لان المأذون فيه هو اللعب لا القتل واللعب اسم الفعل يبقي اللاعب حيا بعده، فإذا مات تبين انه قتل وليس لعب وهو غير مأذون بالقتل[7].
والثاني: وهو مذهب محمد وأبو يوسف ومالك والحنابلة انه لا يضمن لأنه مأذون في اللعب والقاعدة عندهم (المتولد من الفعل المأذون فيه لا يكون مضمونا) كما لو عزر الإمام إنسانا فمات[8].
والراجح إذا لم يتعد اللاعب الحدود المرسومة للعبة وأسفر عن فعله إصابة  للغير انه يضمن الدية ولا قصاص[9].
الحالة الثانية: أن يتعدى اللاعب الحدود المرسومة للعبة.
إذا كانت الإصابة الناشئة من لعبة تستلزم استعمال القوة وتعدى اللاعب حدود اللعب وأحدث بزميلة إصابة ما، ففي هذه الحالة تعد الجريمة عمديه إذا تعمدها وجريمة غير عمديه إذا لم يتعمدها. وإذا جرح اللاعب فعليه القصاص. فان مات بسبب اللعب وتعدى اللاعب حدود اللعبة بما يقتل غالبا ففيه القصاص بشروطه قياسا على القتل بمحدد بجامع انه قتل عمد[10].
وهناك رأي معاصر يري أن المأذون فيه هو اللعب لا الجناية، وهو غير مأذون بها فيضمن[11].
ولا تجوز المصالحة على أكثر من الدية في القتل الخطأ وشبه العمد[12].
ويجب على القاتل أيضا تحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين لقوله تعالى: "وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فان كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وان كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما"[13].
حكم عمد الخطأ في اللعب:
اختلف الفقهاء في عمد الخطأ وهو أن يتعمد الفعل ويخطئ في القصد مثل أن يلطمه أو يلكزه فيموت ، فذهب الجمهور إلى أن فيه الدية دون القود للحديث الشريف "عفي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"[14].
القتل العمد أن يقتل قصدا بما يغلب على الظن موته عالما بكون المقتول ادميا معصوما فلا قصاص بما لا يقتل غالبا[15]. أي أن الجاني يقصد إيقاع القتل بوسيلة تحقق النتيجة غالبا، بحيث ينتهي الفعل إلى إحداث موت المجني عليه[16].
وذهب الشافعي إلى انه إن كرر الضرب حتى مات فعليه القود وذهب مالك إلى أن فيه القود[17].
حكم جناية اللاعب المسلم على اللاعب غير المسلم 
إذا لعب المسلم مع غير المسلم وتعدى اللاعب المسلم حدود اللعبة، وقام بالجناية على اللاعب غير المسلم، وأفضى ذلك إلى وفاة الأخير أو جرحه تجب الدية لغير المسلم وعلى المسلم الصيام شهرين متتابعين ولا يقتص منه على قول جمهور الفقهاء[18].
واستدل الجمهور بقول الرسول صلي الله عليه وسلم "المؤمنون تتكافأ دماءهم ويسعى بذمتهم أدناهم ولا يقتل مؤمن بكافر رواه أحمد، والنسائي [19].
والراجح هو قول الجمهور من عدم قتل المسلم بالكافر مطلق ولكن لا يعني ذلك عدم العقوبة بل يستحق العقوبة التعزيرية التي يراها الحاكم رادعة وزاجرة لغيره[20].
حكم إن تنازل اللاعب مسبقا عما يصيبه من أضرار
اختلف الفقهاء في جواز إباحة الإنسان نفسه للآخرين والإذن لهم بالتعدي عليها. هل يعفى الجاني من المسئولية أو لا ؟ هناك قولان:-
ذهب أصحاب القول الأول وهم الحنفية والحنابلة إلى أن إباحة المجني عليه الاعتداء على نفسه، للعب جائز وصحيح ولا يسأل المعتدي. وقد ذكر أصحاب هذا الرأي إن وجوب ممارسة اللعبة يقضي بذاته إباحة ما يصاحبها عادة من إصابات في الحدود المعروفة فلا يضمن المعتدي[21].
أما أصحاب القول الثاني وهم المالكية: فقد ذهبوا إلى انه لا يحق للإنسان إباحة الجناية عليه ولا يبدأ المعتدي فإذا اعتدى احد اللاعبين على الأخر، لا يستطيع أن يبرر فعله بإجازة المعتدي عليه هذا الفعل. وعلى كل حال فلا بد من رفع الجناية للحاكم من اجل الفصل وان المرء لا يقتص لنفسه[22] .
والراجح هو انه لا يحق للإنسان أن يبيح نفسه للغير لأنه لا يملك جسده وهو أمانه عنده وتصرفه فيه مقيد بما حددته الشريعة الإسلامية[23]