اهلا وسهلا

يسعدني زيارتكم لمدونتي،،، " شروق " اسأل الله ان تحوز اعجابكم،،، علما بانني لا استغني عن ارائكم وارشاداتكم التي اضعها بعين الاعتبار،،، وشكرا... عبدالله الضعيان،،،

الأحد، 30 أكتوبر 2011

الاستجواب بين الدستورية والمجلس

أتى حكم المحكمة الدستورية مكملا أو مفسرا لبعض نصوص الدستور تلك  الخاصة بمسئولية رئيس مجلس الوزراء في اطار أحكام الدستور، وذلك حينما تقدم نائبان بمجلس الأمة باستجواب لسمو رئيس مجلس الوزراء بخصوص بعض المسائل، استنادا لنصوص الدستور والتي ثار الخلاف حول تفسير المواد  100 و 123 و 127، وحين طلبت الحكومة تأجيل الاستجواب لمدة سنة لحين رد حكم المحكمة الدستورية مالم تحكم قبل ذلك، وقد وافق المجلس على قرار الإحالة للمحكمة الدستورية المتضمن عرض طلب تفسير نصوص المواد الدستورية، تفسير المادة 100 "لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء و إلى الوزراء استجوابات عن الأمور الداخلة في اختصاصاتهم،،،،،،،،،،،." وتفسير المادة 123 "يهيمن مجلس الوزراء على مصالح الدولة, ويرسم السياسة العامة للحكومة, ويتابع تنفيذها، ويشرف علي سير العمل في الإدارات الحكومية." وأيضا تفسير المادة 127 "يتولى رئيس مجلس الوزراء رياسة جلسات المجلس والإشراف على تنسيق الأعمال بين الوزارات المختلفة". وبالفعل عرض الطلب على المحكمة الدستورية، والخلاف في وجهة النظر بين الحكومة ومجلس الأمة مرده عبارة السياسة العامة للدولة في المادة 58 "رئيس مجلس الوزراء والوزراء مسؤولون بالتضامن أمام الأمير  عن السياسة العامة للدولة، كما يسأل كل وزير أمامه عن أعمال وزارته."  وإزاء ذلك قررت المحكمة أن كل استجواب يراد توجيهه إلى رئيس مجلس الوزراء ينحصر نطاقه في حدود اختصاصه، في السياسة العامة للحكومة، دون ان يتعدى ذلك إلى استجوابه عن أية أعمال تنفيذية تختص بها وزارات بعينها، أو أي عمل لوزير في وزارته، كما قررت أن المسؤولية السياسية تقع على الوزراء فرادى، فضلا عن أن استعمال عضو مجلس الأمة لحقه في استجواب رئيس مجلس الوزراء فيما يدخل في اختصاصه، منوط بأن تكون السياسة العامة للحكومة المراد استجوابه فيها، قائمة ومستمرة.
وتداولت بعض وسائل الإعلام بانه تم رفض الاستجواب، وتهافت البعض على قراءة حكم الدستورية على أنه بطلان الاستجواب وان الاستجواب غير دستوري، علما ان المحكمة الموقرة لم تتطرق لا من بعيد ولا من قريب لدستورية الاستجواب فقط التزمت بما هو مناط بها من تفسير للمواد المذكورة، علما ان تفسير المحكمة الدستورية لنصوص الدستور يعتبر ملزما للكافة، وله قوة الدستور، حيث ان تفسير القانون العادي من المحاكم العادية له قوة التشريع، كيف والحال نص دستوري يتم تفسيره بواسطة المحكمة الدستورية، لأن من وضع أو خلق الدستور هي السلطة التأسيسية، ففي تفسير النص تكون المحكمة قد حلت محل تلك السلطة وذلك هو الدور الأهم، لان التفسير عملية ضرورية تسبق تطبيق النصوص، ولكن يبقي الأصل هو ان يكون النص القانوني والدستوري بالذات واضح الدلالة والفكرة التي قصدها المشرع، والأساس القانوني لاختصاص المحكمة الدستورية بتفسير أحكام نصوص الدستور هو قانون إنشاء هذه المحكمة القانون رقم 14 لسنة 1973 حيث نصت المادة الأولي " تنشأ محكمة دستورية تختص دون غيرها بتفسير النصوص الدستورية وبالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين،،،،،،،."، اذن السند للمحكمة هي تلك المادة والتي تعبر أساسا لاختصاصها من قانون إنشاء ذات المحكمة، ولكن ماذا لو تم تعديل قانون إنشاء المحكمة وتم الغاء تلك المادة وإلغاء ذلك الاختصاص، وان السلطة التي لها صلاحية سن و إنشاء القانون هي التي تملك الحق في إلغائه، و أن القانون لا يلغى إلا بقانون من درجته، أو أعلى منه درجة. هل تفقد المحكمة سلطتها بتفسير أحكام الدستور، علما انه من الضروري ان تختص جهة بتفسير أحكام الدستور لتكون بمثابة صمام الأمان لأي خلاف قد يقع، ولذلك اتجهت المحكمة الدستورية إلى التوسع في تفسير المادة 173  من الدستور:- "يعين القانون الجهة القضائية التي تختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين و اللوائح,،،،،،." وبذلك تكون المحكمة قد أسندت اختصاصها بتفسير أحكام الدستور إلى هذه المادة من الدستور نفسه بدلا من المادة الأولي من قانون إنشائها، وان كان ذلك محل خلاف في الفقه الدستوري، وبذلك تكون المحكمة قد حصنت نفسها وكانت بمنأى عمن يسلب اختصاصها بالتفسير، ولا يتأتى ذلك إلا بتعديل الدستور أو تنقيحه، وأحكامها وقراراتها ملزمة لها القوة الدستورية، ومخالفتها تعني مخالفة لأحكام الدستور.
إذن قرار المحكمة الدستورية بان "أي استجواب يراد توجيهه إلى سمو الرئيس لا بد ان ينحصر في السياسة العامة للحكومة", حكم ملزم للجميع، ويسري اثره بالنسبة لجميع الأطراف، ولكن الحكم خلا من بيان الأمور الداخلة في اختصاصات سمو الرئيس ولم يوضح تحديد ما هي السياسات العامة المسئول عنها رئيس الوزراء وغيرها من المسئوليات، وبالتالي لابد من عرض الأمر علي مجلس الأمة والذي له القول الفصل بشأن الاستجواب, وان كانت الحكومة قد نالت الأغلبية حين استطاعت تأجيل الاستجواب وإحالته إلى المحكمة الدستورية، تستطع وبعد صدور الحكم وبذات الأدوات باعتبار ان محاور الاستجواب ليست من قبيل اختصاصات سمو رئيس مجلس الوزراء، ويعتبر الاستجواب كأن لم يكن، وبأغلبية الأصوات في مجلس الأمة والمجلس سيد قرارته.

الاثنين، 24 أكتوبر 2011

التربية بين الاضراب وكادر المعلم

لا يخفي علي احد ما تشهده البلاد هذه الايام من اعتصامات ومظاهرات، بعضها يندد والبعض يطالب، ولكن المؤشر الخطير يبدو واضحا حين يعتصم محموعة من الطلبة، مستنكرين صدور قرار من لجان تربوية ينظم آلية استحقاق الدرجات للطلبة، وهذا ما لم يسبق من قبل ان تتعالي صيحات الطلبة بالاحتجاج علي قرار قد يصب في مصلحتهم او في مصلحة الطالب المجتهد حيث يعبر القرار عن كف ايدي المعلمين عن التصرف بالحصيلة الكبري من علامات الطالب مما يعني ان الطالب بيده ان يرفع معدله ببذل الجهد من المذاكرة وان الدرجات تمنح حسب الاجابة للامتحانات التحريرية الموثقة بالاوراق، حتي تسهل عملية تظلم اي طالب من علاماته حينما تكون مثبته علي اوراق الاجابة بالامتحان، وعلي العكس عندما تكون علامة الشفوي او الاعمال اليومية تمثل حصيلة النجاح او اقل منها بقليل و يقوم المدرس اوبعض منهم بتوزيع درجات الامتحان الشفوي لعدة اعتبارات منها الدروس الخصوصية للبعض وذلك بمنح الطالب الدرجة كاملة خاصة ان كان الطالب يأخذ درس خصوصي عند ذات المدرس او مدرس اخر زميل له، مما يعني ان القرار الجديد افضل للطلبة المجتهدين ويضع في الحسبان درجة الحضور والغياب، ذلك ما اوضحه قيادات وزارة التربية وايضا جمعية المعلمين حيث اشادوا بالقرار الجديد، وصرح معالي الوزير بأن القرار موضوع ومدروس من لجان تنشد مصلحة الطالب اولا، وقد اتي الوزير بعدة امور اصلاحية للوزارة منها تخفيف الحقيبة المدرسية للطالب والتي لزيادة وزنها تسببت باعوجاج العمود الفقري او الجنف للعديد من طلبتنا علي مدي السنوات السابقة، وكان ذلك باستحداث الفلاش مميموري واقرار استعماله للطلبة، وقد خرج الوزير بأول ايام تقلده للمنصب الوزاري على وسائل الاعلام ليحدث افراد المجتمع عن امور تربوية قد يجهلها البعض ممن عمل بالوزارة سنوات عديدة، لقد اتي الوزير ويحمل بين همومه الاهتمام بالابناء الذين يمثلون المستقبل، وبناء الانسان والفرد الذي ينهض به اي مجتمع، بالرغم من الاصوات التي لم ولن تتنواني في اختراع واثارة المشاكل كل منهم لغرض في نفسه تارة لاسباب تثير النفس الطائفي عن مناهج تعتبر قديمة، او عن قرارات صدرت منذ عهد سابق، وقد قدم الوزير (بعد دراسة وموافقة اللجان) مشروع مكافأة المعلم الذي يعبر عن نظرية الاجر مقابل العمل، فحينما يعمل المعلم بجد واخلاص يتم تقييمه من خلال مركز الجودة والقياس وهو مركز متخصص محايد، وحسب النتقييم للمعلم ينال حقه بالمكافأة السنوية نظير بذل الجهد وتحقيق النتيجة من خلال الطالب المتلقي للعلم، وماديا تكون المكافأة للمجتهد من المعلمين اكثر مما يطالب به البعض لاقرار كادر المعلم. ولكن ذلك المشروع لا يروق للبعض وبالتالي نال حظه من التهديد بالاعتصام والاضراب كما الحال في جهات أخري والحالة التي تسيطر علي البعض في البلاد، وان كانت المطالبة باقرار كادر المعلم ستعرض علي مجلس الامة فان حاز الاغلبية وتم اقراره فهذه نتيجة الديمقراطية الصادرة عن الامة باصوات ممثليهم، ولا احد يقف ضد مصلحة المعلم واستفادته وحقوقه ان تم اقراها من السلطة التشريعية. بل الجميع يتمني ان تحل مطالب المعلمين، وهم من اهم فئات المجتمع، بحسب مقولة معالي الوزير بجعل وظيفة المعلم يتهافت عليها الجميع، مما ينعكس ايجابا علي اداء وتنشئة ابنائنا الطلبة وتحصيلهم العلمي، ومما يلزم بيانه ان اعتصام الطلبة لا يعتبر خطر فحسب، بل مؤشر يدعو للقلق لاسيما وان ذلك يصدر من تلاميذ اعمارهم لا تتجاوز السن القانوني، قد لا يعي البعض منهم فعله ولا ما يدعوا اليه، حيث انهم معرضين للتحريض من البعض للقيام بتلك الافعال، ولكن الاخطر من ذلك ان يقوم بعض من ممثلي الامة بتحريضهم وحثهم علي الاعتصام باستغلال نقص الاهلية لديهم لتحقيق مآرب واهداف خاصة بهم لتعويض العجز عن مواجهة الحكومة وعدم القدرة علي طرح الثقة بها من خلال البرلمان.

السبت، 8 أكتوبر 2011

حقوق المرأة السـياسـية في الكـويت (6)


الفصل الثاني
الوضع الاجتماعي والسياسي للمرأة
     المبحث الاول
         مشكلة الوضع الاجتماعي والسياسي للمرأة

حقيقة مشكلة المشاركة السياسية للمرأة لا علاقة لها بمبادئ الشريعة الإسلامية أو بالمبادئ الفقهية والقانونية. ولا يمكن في هذا الصدد الاعتماد على المقارنة والمفاضلة بين الرجل والمرأة بوجه عام فالمسألة ليست مسألة نظرية مجردة ولكنها مسألة اجتماعية سياسية يجب أن يتم حلها على ضوء الظروف البيئية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية واتجاهات الرأي العام في زمن معين وفي مكان معين وفقا لمبادئ العدالة والإنصاف.[1][1]
حيث يرى البعض انه من الخطر على البلاد وعلى كيان الدولة أن تدعو عامة الشعب إلى الاشتراك في الشئون العامة دون أن يكون لديه قسط من النضج السياسي وروح الجماعة وانهم على المشرع أن يسترشد بظروف البلاد التي يشرع فيها وان يراعي سنة التطور في التشريع بما يناسب المقام وان هيئة الناخبين يجب أن تكون ثـمرة أو نتيجة دستورية لحالة القوة الاجتماعية في بلد معـين وزمـن معـين.[2][1]
ذلك أن التربية السياسية لجمهور الشعب يجب أن تكون سابقة على منحه حقوقه السياسية إذ انه في فرنسا وروسيا نتيجة لاشتراك الشعب بصورة مفاجئة في إدارة الشئون العامة دون إعداد سابق نجم عن ذلك كوارث ومشاكل متعددة.[3][1]
ويرى الأستاذ الدكتور/ عبد الحميد متولي. أن البيئة الاجتماعية في البلاد الأفريقية أسفرت فيها عدة عوامل كان من شأنها أن أدت إلى تقرير حق الانتخابات للمرأة.
وهذه العوامل هي :-
1.  النزعة او الميل الى جعل الفصول الدستورية متماشية مع مبادئ الحق والعدل.
2.  الدور الهام الذي قامت به المرأة في الميدان الاقتصادي والاجتماعي في القرن التاسع عشر و أوائل القرن العشرين.
3.  الحركة النسائية وما قامت به من دعاية لنشر الوعي لنيل حقوقها السياسية.[4][1]
ومن ثم فالبعض يرى أن اشتراك النساء في إدارة شئون الحكم ما هو إلا بمثابة مثل أعلى يجب أن يتبع في تحقيقه سنن التدرج وفقا لما تقضي به الحالة العامة للشعب ومدى تقدمه وأهليته السياسية وتقدمه.[5][1]
والبعض يرى انه على من يريد أن يعالج مشاكل المرأة بطريقة حكيمة ناجحة فعليه أن يقف بوضوح على مقومات الطبيعة الاجتماعية وان يبحث في كيفية تعديل الظـروف الاجتمـاعية بحيث تتفق مع هذه الطبيعـة وتسـند نموها ومن ثم فإن المشـرع مطـالب بدراسـة النظـام الاجتماعي قبل محاولة تغيـير الأنظمة والقوانيـن.[6][1]
      أمثلة على مشاركة المرأة للرجل في شئون متعددة:[7][1]
1.  تقول أسماء بنت أبى بكر الصديق رضي الله عنها وعن أبيها كنت انقل النوى على رأسي من ارض الذبيـر على ثلثي فرسخ فجئت يوما والنوى على رأسي فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعى لي.
2. اشتركت العديد من نساء الصحابة في غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم يسقين ويعالجن الجرحى ويقاتلن أحيانا.
3. قال عمر بن الخطاب بتوليه الشفاء بنت عبد الله ولاية الحسبة في سوق المدينة.
4. يرى بعض الفقهاء الحنفية مثل الكمال بن الهمام أن الشريعة لا تسلب المرأة   ولاية القضاء ،ويرى الطبري أن المرأة يصح أن تكون قاضية في كل شئ.
  q وهكذا فإن المتمعن في آراء الفقهاء يجد فيها سـعة بل وحرصا على نيل المرأة لكـافة الحقـوق التي يمارسـها الرجل بشـرط أن يتفـق ذلك وطبيـعتها وتكوينها وأن تكون الظروف ملائمة وتسمح لها بممارسة هذه الحقـوق وبالذات الحقوق السـياسـية مثل الانتخـابات والترشيح والتي لابـد فيها من ضوابط حتى لا يتحول الأمر إلى مفسـدة كبـيرة لان درع المفاسـد في الإسلام مقدم على جلب المصالح.



(كما وعدتكم سأقوم بنشر البحث، علي شكل أجزاء متسلسلة، ترقبوا الجزء التالي بأقرب وقت)



http://abdullahalanzi.blogspot.com/2011/09/blog-post_12.html

الثلاثاء، 4 أكتوبر 2011

اقرار الذمة بين الموافقة والرفض

أخيرا قانون الذمة المالية سيري النور قريبا حسب ما يتم تداوله علي الساحة، وحسنا فعلت الحكومة حين أقرت ذلك القانون وإحالته للفتوي والتشريع لصياغته، ومن ثم سيعرض علي مجلس الأمة للتصويت عليه، لطالما كانت هناك محاولات حثيثة لإقرار ذلك القانون فيما سبق منذ بضع سنين، ولكنه كان حبيس الأدراج لسبب أو لآخر، ولكن في تلك المرة الأمر مختلف حيث بادرت الحكومة لإقراره، ومجلس الأمة ممثل باللجنة التشريعية يتدارس الوضع أيضا لإقرار مثل ذلك الاقتراح ولتماثل الاتجاهين، مبادرة الحكومة من جانب، واقتراح المجلس من جانب آخر، فلا مجال للحيلولة دون إقرار ذلك القانون، ومن المعروف أن كل حكومات كل العالم لها مؤيدين ومعارضين، فان أرادت الحكومة تمرير قانون ما، ان كانت جادة بذلك، أوعزت بداية لمؤيديها للموافقة عليه، فما الحال القانون قد سبق وتبنته السلطة التشريعية والمعارضة أيضا، فمن المفترض أن يفوز بالإجماع، إلا اذا كان هناك من يستفيد بعدم إقرار قانون الذمة المالية لتخوفه أن القانون لا يخدمه ذاتيا أو لخشيته من المجهول، ولعل التردد لدي البعض بإقراره يكون لغرض في نفسه، أو لأسباب أخري منها أسباب قانونية بحتة حيث أن القانون قد يري البعض انه يتعارض مع مبدأ هام وهو عبء الإثبات تتحمله سلطة الاتهام، فكما تبين في المقال السابق من هذه المدونة أن من تتضخم ثروته عليه  أن يثبت ويوضح  مصدر زيادة الثروة، وان يكون الإثراء مشروع، والا تعرضت أمواله للمصادرة وتعرض الشخص نفسه للعقوبة بحسب قانون الذمة المالية، فهنا يكمن الخلاف، بما أن الإثبات علي عاتق سلطة الاتهام، ففي قانون الذمة المالية، كيف ينتقل الإثبات على عاتق الشخص المتهم؟ ليقيم الدليل أو ليثبت براءته دونما أن تتحمل سلطة الاتهام إقامه الدليل، ولكن حينما نبحث في القانون نجد أن الأصل في الأشياء الإباحة كمبدأ رئيس، والبراءة هي الأصل مالم يثبت العكس بدليل يقيني قطعي وحكم بات، فالبراءة إذن قرينة قانونية والإثبات بتعبير مختصر مجموع الأسباب المنتجة للدليل، وبالتالي القرينة القانونية يجوز إثبات عكسها كما هو الحال في البراءة، فيجوز إثبات عكس البراءة بإقامة الدليل ودحضها في مختلف الجرائم، ولو أن البراءة هي الأصل، ففي قانون الذمة المالية حين ينص القانون نفسه علي أن من يعجز عن تقديم دليل وبيان زيادة الثروة يعتبر قد ارتكب جريمة الكسب الغير مشروع، فلا مجال للخلاف إذن والعمل بالقرائن مشروع، وان هذا الحكم مستوحى من محكم كتابه العزيز الحكيم في سورة سيدنا يوسف عليه السلام ﴿ وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ* قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ* وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ* فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ* يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ﴾ [يوسف: 25 -29 [  فاتهام يوسف واتهام امرأة العزيز بالمراودة، كان الفصل للأخذ بالقرينة، حيث كان شق قميص يوسف من دبره قرينة على انه كان هاربا منها، وأنها وراءه متعلقة به، آخذة بثوبه، حتى انشق من الخلف، فكان هذا كافيا للعزيز في تبرئة يوسف من الاتهام، والحكم على امرأة العزيز بالمراودة. وقد اشترطت المحكمة الدستورية العليا المصرية في الواقعة البديلة التي تستفاد منها قرينة الإثبات التي ينص عليها القانون ارتكازها على أسس موضوعية، تقِيم بينها وبين القرينة علاقة منطقية، تستند إلى ما يقع غالبا في الحياة العملية، وتكون كافية لإهدار افتراض البراءة، وفي حكم لمحكمة التمييز الكويتية بالجلسة المنعقدة علنا بالمحكمة بتاريخ 5 ذي الحجة 1419 هـ الموافق 22/3/1999 ، "فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة. بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحا دالا بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات". ومن ناحية أخرى، فقد استقر قضاء النقض المصرية على أن "القرائن من طرق الإثبات الأصلية في المواد الجنائية، فللقاضي أن يعتمد عليها دون غيرها، ولا يصح الاعتراض على الرأي المستخلص منها ما دام سائغا مقبولا". لذا فان الأخذ بالقرينة وانتقال عبء الإثبات علي عاتق المتهم في قانون إقرار الذمة لابد ألا يشوبه الخلاف.