أتى حكم المحكمة الدستورية مكملا أو مفسرا لبعض نصوص الدستور تلك الخاصة بمسئولية رئيس مجلس الوزراء في اطار أحكام الدستور، وذلك حينما تقدم نائبان بمجلس الأمة باستجواب لسمو رئيس مجلس الوزراء بخصوص بعض المسائل، استنادا لنصوص الدستور والتي ثار الخلاف حول تفسير المواد 100 و 123 و 127، وحين طلبت الحكومة تأجيل الاستجواب لمدة سنة لحين رد حكم المحكمة الدستورية مالم تحكم قبل ذلك، وقد وافق المجلس على قرار الإحالة للمحكمة الدستورية المتضمن عرض طلب تفسير نصوص المواد الدستورية، تفسير المادة 100 "لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء و إلى الوزراء استجوابات عن الأمور الداخلة في اختصاصاتهم،،،،،،،،،،،." وتفسير المادة 123 "يهيمن مجلس الوزراء على مصالح الدولة, ويرسم السياسة العامة للحكومة, ويتابع تنفيذها، ويشرف علي سير العمل في الإدارات الحكومية." وأيضا تفسير المادة 127 "يتولى رئيس مجلس الوزراء رياسة جلسات المجلس والإشراف على تنسيق الأعمال بين الوزارات المختلفة". وبالفعل عرض الطلب على المحكمة الدستورية، والخلاف في وجهة النظر بين الحكومة ومجلس الأمة مرده عبارة السياسة العامة للدولة في المادة 58 "رئيس مجلس الوزراء والوزراء مسؤولون بالتضامن أمام الأمير عن السياسة العامة للدولة، كما يسأل كل وزير أمامه عن أعمال وزارته." وإزاء ذلك قررت المحكمة أن كل استجواب يراد توجيهه إلى رئيس مجلس الوزراء ينحصر نطاقه في حدود اختصاصه، في السياسة العامة للحكومة، دون ان يتعدى ذلك إلى استجوابه عن أية أعمال تنفيذية تختص بها وزارات بعينها، أو أي عمل لوزير في وزارته، كما قررت أن المسؤولية السياسية تقع على الوزراء فرادى، فضلا عن أن استعمال عضو مجلس الأمة لحقه في استجواب رئيس مجلس الوزراء فيما يدخل في اختصاصه، منوط بأن تكون السياسة العامة للحكومة المراد استجوابه فيها، قائمة ومستمرة.
وتداولت بعض وسائل الإعلام بانه تم رفض الاستجواب، وتهافت البعض على قراءة حكم الدستورية على أنه بطلان الاستجواب وان الاستجواب غير دستوري، علما ان المحكمة الموقرة لم تتطرق لا من بعيد ولا من قريب لدستورية الاستجواب فقط التزمت بما هو مناط بها من تفسير للمواد المذكورة، علما ان تفسير المحكمة الدستورية لنصوص الدستور يعتبر ملزما للكافة، وله قوة الدستور، حيث ان تفسير القانون العادي من المحاكم العادية له قوة التشريع، كيف والحال نص دستوري يتم تفسيره بواسطة المحكمة الدستورية، لأن من وضع أو خلق الدستور هي السلطة التأسيسية، ففي تفسير النص تكون المحكمة قد حلت محل تلك السلطة وذلك هو الدور الأهم، لان التفسير عملية ضرورية تسبق تطبيق النصوص، ولكن يبقي الأصل هو ان يكون النص القانوني والدستوري بالذات واضح الدلالة والفكرة التي قصدها المشرع، والأساس القانوني لاختصاص المحكمة الدستورية بتفسير أحكام نصوص الدستور هو قانون إنشاء هذه المحكمة القانون رقم 14 لسنة 1973 حيث نصت المادة الأولي " تنشأ محكمة دستورية تختص دون غيرها بتفسير النصوص الدستورية وبالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين،،،،،،،."، اذن السند للمحكمة هي تلك المادة والتي تعبر أساسا لاختصاصها من قانون إنشاء ذات المحكمة، ولكن ماذا لو تم تعديل قانون إنشاء المحكمة وتم الغاء تلك المادة وإلغاء ذلك الاختصاص، وان السلطة التي لها صلاحية سن و إنشاء القانون هي التي تملك الحق في إلغائه، و أن القانون لا يلغى إلا بقانون من درجته، أو أعلى منه درجة. هل تفقد المحكمة سلطتها بتفسير أحكام الدستور، علما انه من الضروري ان تختص جهة بتفسير أحكام الدستور لتكون بمثابة صمام الأمان لأي خلاف قد يقع، ولذلك اتجهت المحكمة الدستورية إلى التوسع في تفسير المادة 173 من الدستور:- "يعين القانون الجهة القضائية التي تختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين و اللوائح,،،،،،." وبذلك تكون المحكمة قد أسندت اختصاصها بتفسير أحكام الدستور إلى هذه المادة من الدستور نفسه بدلا من المادة الأولي من قانون إنشائها، وان كان ذلك محل خلاف في الفقه الدستوري، وبذلك تكون المحكمة قد حصنت نفسها وكانت بمنأى عمن يسلب اختصاصها بالتفسير، ولا يتأتى ذلك إلا بتعديل الدستور أو تنقيحه، وأحكامها وقراراتها ملزمة لها القوة الدستورية، ومخالفتها تعني مخالفة لأحكام الدستور.
إذن قرار المحكمة الدستورية بان "أي استجواب يراد توجيهه إلى سمو الرئيس لا بد ان ينحصر في السياسة العامة للحكومة", حكم ملزم للجميع، ويسري اثره بالنسبة لجميع الأطراف، ولكن الحكم خلا من بيان الأمور الداخلة في اختصاصات سمو الرئيس ولم يوضح تحديد ما هي السياسات العامة المسئول عنها رئيس الوزراء وغيرها من المسئوليات، وبالتالي لابد من عرض الأمر علي مجلس الأمة والذي له القول الفصل بشأن الاستجواب, وان كانت الحكومة قد نالت الأغلبية حين استطاعت تأجيل الاستجواب وإحالته إلى المحكمة الدستورية، تستطع وبعد صدور الحكم وبذات الأدوات باعتبار ان محاور الاستجواب ليست من قبيل اختصاصات سمو رئيس مجلس الوزراء، ويعتبر الاستجواب كأن لم يكن، وبأغلبية الأصوات في مجلس الأمة والمجلس سيد قرارته.