اهلا وسهلا

يسعدني زيارتكم لمدونتي،،، " شروق " اسأل الله ان تحوز اعجابكم،،، علما بانني لا استغني عن ارائكم وارشاداتكم التي اضعها بعين الاعتبار،،، وشكرا... عبدالله الضعيان،،،

الخميس، 28 يونيو 2012

الإمارة الدستورية

بنص المادة الرابعة من الدستور الكويتي، يتبين أن الكويت إمارة يحتكم فيها إلى الدستور، الذي وضعته السلطة التأسيسية من الرواد الأوائل في الكويت، وقد أنشئ باسلوب العقد بين الحاكم والمحكوم، والدستور ينظم مختلف شئون الدولة وأجهزتها وينص على الفصل بين السلطات الثلاث بالدولة مع تعاون تلك السلطات والتي يرأسها رئيس الدولة، وفي الكويت مجلس منتخب له سلطة واسعة ودور قوي بحيث يصوت على تنصيب الأمير، ويتضح من ذات المادة أعلاه أن المجلس يبايع ولي العهد، وبموضع آخر من الدستور يتبين أن الأمة هي مصدر السلطات ممثلة بنواب الأمة، هذا هو المفهوم  بالإمارة الدستورية، إذن الكويت إمارة دستورية. فما المقصود بما تردد في ساحة الإرادة والمطالبة بإمارة دستورية، لعل المقصود رئيس مجلس وزراء من الشعب، ولكن المادة 56 من الدستور لم تشترط  بألا يكون الرئيس من الشعب بل بينت أن ذلك حق مطلق لسمو الأمير يختار من يشاء ولكن بعد المشاورات التقليدية، إذن الكويت إمارة دستورية، وأيضا قد يكون المقصود بما طالب به جماهير الإرادة أن تكون الحكومة منتخبة من الشعب، فإن ذلك لم ينص عليه الدستور أو ينظمه بل أوضح لنا الدستور أن الوزراء تعيينهم بالاختيار، علما بأن الحكومة المنتخبة لا تتأتى إلا بتعديلات دستورية جذرية، تتطلب مؤسسات مدنية معلنة وإشهار الأحزاب الأمر الذي قد لا يكون مقبولاً لدى الكافة.
وبغض النظر عن الوصف للمفهوم أو التسمية من الجدير معرفته أن مجموعة من الشعب خرجت في ساحة الإرادة وأعلنت مطالبها وفق إباحة أحكام الدستور في التعبير عن الرأي، علماً بانني في السابق من الأيام حينما رأت مجموعة من الشعب القيام بجمع التوقيع من مختلف أطياف المجتمع للحث على استقالة رئيس الوزراء السابق، قد بينت ذلك بمقال سابق بعنوان "وثيقة التوقيع" وأن الأمر يلزم أخذه في الحسبان وينظر إليه بعين الاعتبار وتتم قراءة تلك المطالب.

http://www.alhasela.com/cms/node/7232
http://www.7eyad.com/ArticleDetail.aspx?id=4340629

الاثنين، 25 يونيو 2012

بيان ،،، للأغلبية

الأخوة الأفاضل منتسبي تكتل الأغلبية،،، تمر بلادكم بمرحلة حرجة تستلزم تكاتف الأيدي بعيداً عن التصعيد، وبعيداً عن التصريحات النارية، ويتوجب النظر للمصلحة العامة والابتعاد عن تحقيق المصالح الشخصية، والتكسب الانتخابي،،، الأخوة الافاضل بعد صدور الحل بأي طريقة كانت سواء الحل الأول للمجلس بالمرسوم الاميري، أو الحل بواسطة المحكمة الدستورية، قفز بعض الناشزين للاصطياد بالماء العكر، وبعض آخر بصوت نشاز يصرح بأقوال ينسبها لبعض منكم، وبمطالب لم ينزل الله بها من سلطان، ولأنكم حالياً انتم المعنيين بالأمر، وأي حدث سلبي يسجل ضدكم ووقتها لن يرحمكم التاريخ ، وأي تصرف واصلاح ايجابي ستجدون الجميع يقف لكم اجلالاً واحتراماً، لذا فإن الموقف يتطلب منكم الوقوف بحزم، وجرأة عالية، لقطع الطريق على من تسول له نفسه العبث وإثارة الفوضى، ولأن منتسبي الاغلبية أعلنوا في اكثر من موضع انهم سيعودون نواباً للمجلس تحت كتلة الاغلبية، من الملزم إن كنتم تسعون لمصلحة الكويت ومن أجل الكويت وشعبها وحكومتها واستقرارها للأبد، التفافكم حول الدستور والقانون، فهو الملاذ الآمن للجميع، وصمام الأمان الذي يحمي من أي بطش يتعرض له من يريد العيش بكرامة على هذه الارض الطيبة المباركة، لذا يستلزم منكم الموقف إصدار ميثاق يحمل في طياته برنامجاً كاملاً يحقق الطموح، ويسعى لتذليل كافة الصعوبات التي يعاني منها المواطن، وبذل الجهد لإيجاد الحلول للمسائل العالقة التي تهم المواطنين والبلاد، وتتعهدون فيه بمحاربة الفساد ونبذ الطائفية والعنصرية، وألا ينضوي تحت لواء الكتلة من يخاف تلك الافكار، معلنين أنكم تمثلون الأمة بكل أطيافها بعيداً عن التصعيد والهمز واللمز، أو يكون في صدر الميثاق ما ينص على مجازاة من خالف ذلك، وتكون رسالتكم واضحة واهدافكم محددة دقيقة لا تقبل الشك، وطلباتكم معلنة، لأننا في الحقيقة جمهور الناخبين قد نؤيد بعض المطالب، وقد نرفض مجرد التفكير مع الذات بخصوص مطالب أخري، لذا يتوجب علينا كما يتوجب عليكم، ان يكون الناخبين على بينةٍ من طلباتكم، ولا نريد شعارات تحمل أكثر من معني قد تختلفون عليها أنتم انفسكم منتسبي تكتل الاغلبية، يجب ان يكون ميثاقكم مكتوباً ليتسنى للكافة الاطلاع عليه متعهدين الا تحيدوا عنه ابداً الا بإعلان ميثاق آخر يبين ما يستجد من أمور، لأنه من غير المعقول أن ينجرف وراءكم بعض من الشعب دون ان يعرف في الحقيقة عما تخططون له أو تريدون الوصول إليه هذا اذا كنتم كلكم تعرفون أو تجمعون متفقين، لأنه في حالة خروج الجماهير، ورفعها للشعارات من الصعب جداً السيطرة على الأوضاع ووقفها عند حد معين فاندفاع الناس خلف شعار قد يجعلهم يغيرون مطالبهم، الأمر الذي لم تحسبوا له الحساب، حينها لن ينفع الندم، وقد لا يعني للبعض منكم هذا البيان شيئاً، ولكن الكويت تعني لنا كل شيء، فأهل الكويت خصيمكم يوم القيامة، لأنكم مؤتمنون والكويت واستقرارها امانة بأعناقكم وانتم المسؤولين امام الله.

الأحد، 24 يونيو 2012

المجلس بين الدستورية والحل

حل مجلس الأمة حق مطلق لرئيس الدولة كما قررت ذلك المادة 102 من الدستور، وليس بذلك خلاف، فالمحكمة الدستورية حينما أصدرت حكمها الشهير لم تناقش الحق الأصيل المنصوص عليه في هذه المادة، فتلك هي الناحية الموضوعية، ولكن المحكمة تصدت للجانب الشكلي أي الإجراءات التي يصدر بها مرسوم حل مجلس الامة، فكانت كما رأت المحكمة ان الإجراءات معيبة مما يستلزم بطلان مرسوم الحل بشأن مجلس 2009، مما يستتبعه بطلان مرسوم الدعوة للانتخاب لمجلس 2012، اذن المحكمة تطرقت للناحية الشكلية دون الموضوعية، وهذا من صميم اختصاصها لأن المرسوم من حيث طبيعته لا يعدو ان يكون قرار إداري مثل القرار الذي يصدره الوزير ويسمى قرار وزاري ولكن تم تسميته بمرسوم لصدوره من اعلى سلطة في الدولة، وفي الدول ذات النظام الرئاسي يسمى قرار رئاسي، وببعض الدول قرار جمهوري، ويتم الطعن به امام المحكمة الإدارية ان خالف القانون، وكذلك الطعن به أمام المحكمة الدستورية إن خالف الدستور، والبعض يستغرب كيف يتم الغاء مرسوم صدر من أعلى سلطة في البلاد، فالقانون يصدر بإقراره بواسطة الأمة ممثلة بالنواب في المجلس ومن ثم بمصادقة سمو الأمير، وإذا تبين فيما بعد أن القانون تعوره شبهة مخالفته للدستور، يتم الطعن به بعدم الدستورية وتلغيه المحكمة، هذا حصل في الواقع العملي اكثر من مرة، فاذا كانت المحكمة تستطيع ان تلغي قانون صدر من تلاقي ارادتين، فمن باب أولى انها تستطيع الغاء مرسوم، وبالتالي الاستشهاد بحكم الدستورية عام 1986، لحكمها بعدم الاختصاص للنظر في الطعن بشأن حل المجلس أيضا، لأن ذلك يستلزم الخوض في المسألة الموضوعية، وهو غير جائز كما تم بيانه أعلاه، وان عرضت مستقبلا  حاله مشابهة، يكون الحكم بعدم الاختصاص لتداخله في بحث الجانب الموضوعي وهو من الحقوق المطلقة، أما من ينكر انعدام المصلحة بالنسبة لمن رفع دعوى الطعن، فانه من واجب المحكمة بداية أن تتأكد من توافر المصلحة للمدعي بدعواه، وبما أن اصحاب الطعن أحدهما مرشح لانتخابات مجلس 2012 لم يحالفها الحظ، والآخر عضو سابق في مجلس 2009 وقد تضرر من حل المجلس، وبضم الدعويان لارتباطهما بذات الموضوع، وبتوافر المصلحة المشتركة، يستلزم الضم توفيرا لجهد ووقت المحكمة، ويتم النظر في الدعوى لرفعها من ذي صفة، وبمجرد صدور الحكم، وبقوة القانون يفقد مجلس 2012 صفته، ولا يحق له الانعقاد بغض النظر عن مرسوم تعليق الجلسات الصادر مؤخرا، ويفقد النواب صفة العضوية ويتجردون من الحصانة ليعودوا الي صفوف المواطنين، اما بخصوص القوانين التي اقرها مجلس 2012 فقد نص الحكم على سريانها، وان لم ينص على ذلك، تبقي قائمة منتجة لآثارها وتعتبر صحيحة استناداً لنظرية الموظف الفعلي في الفقه الفرنسي المعمول بها لدينا، ويعتبر مجلس 2009 قائم لإلغاء مرسوم الحل الخاص به، ولكن بالواقع العملي ان الارادة اتجهت لحل هذا المجلس والأداة المستخدمة لحله شابها البطلان مما يستلزم تصحيح مرسوم الحل، ولأن تنفيذ إلزامية الأحكام تختلف بحسب طبيعتها، فجميع الأحكام القضائية تحتاج لتذييلها بصيغة تنفيذية لتنفيذها، أما احكام المحكمة الدستورية تكتسب قوتها التنفيذية بنشرها بالجريدة الرسمية، وجميع الاحكام أثرها نسبي لا تسري إلا في مواجهة أطراف المنازعة أو الخصومة، وحكم الدستورية بمثابة القانون أثره عام يلزم به الكافة بما فيها المحاكم وأثرها مطلق. ويفترض أن الحكومة حينما يصلها الحكم أن تبادر بنشره بالجريدة الرسمية، وذلك بما أن الجريدة تصدر كل يوم أحد والمحكمة غير ملزمة بإرسال الحكم للحكومة بتاريخ معين ويمكن للمحكمة أن تتراخى بإرسالها، وليس لها ميعاد محدد، فلا يكون هناك أي اجراء قبل النشر.
http://www.alhasela.com/cms/node/7164
http://www.7eyad.com/ArticleDetail.aspx?id=4340512

السبت، 23 يونيو 2012

تأجيل الحل بالتأجيل

غداة صدور المرسوم بتأجيل انعقاد جلسات مجلس الأمة يعول بعض النواب ذلك بسبب عدم اكتمال صفوف الوزراء لاستقالة اثنين من الوزراء، أو بسبب استجوابات مقدمة من أحد النواب، علماً بأن المادة 106 من الدستور والتي اسند إليها مرسوم تأجيل الجلسات لمدة شهر لم تتطلب بيان سبب لتعليق الجلسات، بعكس المادة 107 من الدستور والتي تستلزم بيان سبب حل المجلس، لذا فإن استقالة الوزراء ليست بسبب كاف لصدور المرسوم طالما تم إضافة أعمالهم لوزراء آخرين، ولأنه من الناحية العملية قلما حضرت الحكومة جلسات المجلس بكامل وزرائها إلا في حالات معينة. وبغض النظر عن الأسباب، يتبيَن أن الحكمة من القرار هو إعطاء فرصة كي تهدأ الأمور ويعود الصفاء بعد أن اشتد الخلاف بين السلطتين وبين النواب أنفسهم، وحالة الاستياء العام التي يحسها الشارع من الاداء البرلماني بسبب تصرفات وعبارات جزء من النواب بالرغم من بعض الانجازات التي حققها المجلس، لذا يكون التعليق بمثابة إجازة شهر لتبريد الأعصاب وترطيب الأجواء لاستئناف المسيرة، بدلاً من الحل الصعب والتضحية بإحدى الجهتين المجلس أو الحكومة، علماَ أن مثل هذا الحل وتأجيل الجلسات حق موجود في جميع الدساتير، وهو إجراء تمهيدي وإنذار للاتعاظ للابتعاد عن الحلول الأخرى والتي تكلفتها عالية، وتلك هي المرة الاولى في تاريخ البرلمان الكويتي يتم تأجيل جلسات المجلس وفقا لأحكام الدستور المادة 106 والتي تجيز التأجيل مدة زمنية أقصاها شهر ولا تبيح تجاوز الشهر بحيث الا يتكرر ذلك في نفس دور الانعقاد، الا بأخذ موافقة مجلس الامة، وفترة تعطيل الجلسات لا تدخل ضمن المدة المحسوبة لدور الانعقاد، علما ان التأجيل فقط للجلسات ولا يشمل أعمال مكتب المجلس، أو أعمال اللجان مع احتفاظ النواب بكامل حقوقهم والحصانة التي يتمتعون بها بمناسبة مزاولتهم لعملهم النيابي اذ أنها حصانة موضوعية لصيقة بصفة النائب وليست بشخصه فاذا فقدت الصفة زالت الحصانة وتجردت من الغاية منها، وحتى الميزانية لن تكون عقبة إن لم يتم مناقشتها، ولا توجد مشكلة حسب نص الدستور يعمل بالميزانية القديمة لحين اقرار الجديدة. والاختيار الدقيق للتوقيت لتخفيف حدة الاصطدام بين السلطتين وبين النواب أنفسهم وإن عادوا للاجتماع بعد الشهر فإن الإجازة الصيفية على الأبواب، ولكن المحكمة الدستورية اختصرت تلك المدة، واستعاضت عن كل تلك التحذيرات بحكمها الشهير ببطلان مرسوم حل مجلس 2009، وبالتالي يكون مرسوم الدعوة لانتخاب مجلس 2012 باطل، وهذا ما سنتطرق له في المقال القادم.

السبت، 16 يونيو 2012

إلغاء نص من قانون أمن الدولة

أمر محمود، وإنجاز محسوب لمجلس الأمة، إلغاء المادة (15) من قانون أمن الدولة الداخلي الخاص بمعاقبة من يذيع بيانات وأخباراً كاذبة الغرض منها الإضرار بمصلحة الدولة، وقد تم الإلغاء على سند أن نص المادة لم يكن محدداً تحديداً دقيقاً وغير واضح الدلالة لعدم بيان ماهية الأخبار والبيانات، وليس كما زعم البعض أن المادة تم إلغاؤها لأنها كانت مسلطة لمحاسبة أهل الرأي، ولكن تم الإلغاء لأن القيود التي تفرضها القوانين الجزائية يجب أن يبلغ محتواها اليقين ويقطع الجدل.
علماً أن تلك المادة لم تطبق فعلياً بالواقع العملي إلا مرات معدودة بالرغم من صدورها منذ ما يقارب أربعين عاماً، وبما أنها تتناقض مع أصول التشريع، فإن الحاجة إليها في هذا الوقت قد تكون ملحة، كما يعلم الجميع لأن الظروف المحيطة متوترة.
الجدير بالذكر أن نص المادة يخاطب المواطن والمقيم، فكان الأحرى بدلاً من الاستعجال بإلغائها، التريث لحين هدوء التوتر الذي يعصف بالدول، أو تعديل نص المادة ببيان مفهوم وحصر مفردات الجريمة ومدلولها، في هذا الوقت والمجتمع في أشد الحاجة إلى منع من يريد شق الصف والإضرار بالبلد، والشواهد كثيرة بداية من تراشق نواب المجلس بالألفاظ، وحتى تنابز البعض في مواقع التواصل والصحف بالطائفية والعنصرية. فلا يوجد ما يبرر الاستعجال بالرغم من عدم تصويت الحكومة بالموافقة على إلغاء تلك المادة، وليست هي القاعدة الوحيدة التي تعتبر فضفاضة وتحتاج إلى تعديل، فنص المادة التي تسبقها من ذات القانون، المادة (14) تعتبر نسخة من المادة الملغاة التي تليها مع الفارق أنها تختص بزمن الحرب، ولم يتم إلغاؤها لنفس السبب، وإن تضرر البعض من ذلك القانون إلا أن الضرر يعتبر من تكييف الاتهام وتصنيفه، ولكن إلغاء القانون دليل على أن المجلس من المؤكد يسعى إلى التشريع العادل، وبالتالي لن يصدر قانوناً يدور حوله أي جدل سواء فقهي أو قانوني.

الخميس، 14 يونيو 2012

القضاء لا يخدم الرأي العام

بين السلطة القضائية والقانون علاقة وطيدة، حيث ترتبط ميزة القضاء الرفيعة بمدى الإيمان بمبدأ سيادة القانون، فكما يتوجب احترام القانون وعدم مخالفته، يلزم أن ينظر للقضاء بثقة عالية لما يتمتع به من نزاهة وباعتباره صمام الأمان في أي مجتمع، وبالتالي لا يجوز التعرض للقضاء صراحة أو ضمناً أو التطاول على المؤسسة القضائية أو أشخاصها. بل يكون النقد والتعليق على الحكم ذاته في حدود المناقشة الموضوعية وليست الشخصانية ولا يتم تناول من أصدر الحكم، وطالما أن المناقشة قانونية رفيعة المستوى مستندة إلى نصوص في القانون وقواعد راسخة متعارف عليها في المحاكمات الجزائية فلا تثريب من مخاطبة الحكم والتعليق عليه بالاستحسان أو العيب. فالمحكمة التي أصدرت الحكم لم تر الواقع بل تجتهد حسب ما يكون تحت يدها من أدلة ثابتة بأوراق الدعوى المنظورة، فالسلطة القضائية تقوم بجانب السلطتين التشريعية والتنفيذية بأداء رسالتها، وقد أكد الدستور على استقلال السلطة القضائية، لذا فان المساس بالقضاء يكون مساس بالعدالة، ويتأكد ذلك بنص المادة 50 من الدستور "يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها وفقا لأحكام الدستور، ولا يجوز لأي سلطة منها النزول عن كل أو بعض اختصاصها المنصوص عليه في الدستور".
علما بأن محكمة الجنايات دورها اجتهادي والقاضي بشر قد يخطئ وقد يصيب، ومن يجتهد أن أصاب له أجران، وأن أخطأ له أجر، والقاعدة العامة أن القضاء في خدمة القانون والعدالة، وليس في خدمة الرأي العام سواء أتى الحكم متوافق مع الرأي العام أو منصدم معه فهذا أمر لا يعني القضاء في سبيل إعلاء كلمة الحق والقانون لإظهار الحكم عنوان الحقيقة، وفي النهاية يجوز الطعن بالحكم المعيب كونه قد خالف الحقيقة وتتبع سبل الطعن لتصويب الحكم الخاطئ.

رد القوانين وشبح الحل

قبل أن يتم الرد، وبمجرد ترويج البعض أن الحكومة بصدد رد القوانين وأهمها قانون الإعدام للإساءة للذات الإلهية والأنبياء والرسل، وعلى غير المتوقع بدأ بعض النواب بالتسابق على التصريحات النارية، واللاذعة الناقدة للحكومة. علماً بأنني تطرقت لذلك القانون في مقال سابق (بعنوان المجلس بين الإنجازات والحل) وقد بينت رأي البعض وكتبت حرفيا "لأن القانون لا يتلاءم مع الدستور المدني ويتعارض معه حيث أن الدولة المدنية ملزمة بحماية كافة الأديان بغض النظر عن مصدرها، ولفرض تلك الحماية لابد من إقرار عقوبة ملائمة متساوية ومتشابه إزاء كل الأديان لا أن تصل للإعدام، والإعدام يجب أن يكون في أضيق نطاق". وذلك بذات المعني للسبب الذي استندت إليه الحكومة لرد القانون.
والجدير بالذكر أن الحكومة حقها مكفول برد أي قانون، وأن عملية استصدار القانون وخلقه مرسومة بالدستور بكل تفاصيلها بدقة متناهية، فالسلطة التشريعية كما لها حق اقتراح مشروعات القوانين والتصويت عليها، للحكومة أيضاً حق رد القانون كما للنواب حق الرقابة باستخدام كافة الأدوات وأهمها الاستجواب، فلم يصادر حق الحكومة على رد القانون، وكأن النواب يطمح البعض منهم بممارسة السلطتين التشريعية والتنفيذية، فالقانون حينما يتم التصويت عليه ويقره المجلس، يصدر بمضي المدة المقررة للإصدار المحددة ثلاثين يوما إن لم يتم رده، أو خلال تلك المدة بمصادقة رئيس الدولة، ويجوز وفق المادة 66 من الدستور طلب إعادة النظر في مشروع القانون أي رد القانون بمرسوم مسبب، ويجوز للمجلس بعد رد القانون أن يقره بالأغلبية المتشددة ويقصد بها موافقة ثلثي الأعضاء، وذلك اذا كان في نفس دور الانعقاد أي خلال هذه الأشهر، ويحق للمجلس أيضا في نوفمبر القادم في دور الانعقاد التالي مناقشة ذات القانون وإقراره بالأغلبية العادية دونما حاجة لموافقة ثلثي الأعضاء، والأغلبية العادية تعني الأكثر بعدد الأصوات التي يتألف منها المجلس بغض النظر عن العدد والنسبة منها، وهي تختلف عن الأغلبية المطلقة حيث أن الأخيرة تعني اكثر من نصف الأصوات التي يتكون منها المجلس، وبالتالي فان إقرار القانون باي من احدى الطريقتين فليس أمام الحكومة أن ترده مما يترتب إصداره، وذلك بحد ذاته تطبيق فعلي ورائع  لمبدأ سيادة الأمة وفقا للدستور بنص المادة السادسة "نظام الحكم في الكويت ديمقراطي, السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا, وتكون ممارسة السيادة علي الوجه المبين بهذا الدستور"، ويري البعض بانه لا يحق للحكومة رد القانون وقد شاركت في إعداده بالتعديل والمناقشة وتتعهد بعدم الرد، بالمقابل يرد المخالفين لوجهة النظر تلك بان الأعضاء قد أضاعوا وقت المجلس بكثرة الاستجوابات بالرغم من الوعد بعدم التصعيد، وخلاصة القول أن الفصل التشريعي لا زال بأوله، ويحق للمجلس أن يعاود التصويت على القانون، سواء بهذا الدور أو دور الانعقاد القادم، وحتما سيفوز بالأغلبية المتشددة أو الأغلبية العادية حسبما يتطلب الدستور، فمن غير المبرر تصرف بعض النواب إزاء ذلك، إلا اذا كان منهم من يخشى أو يشك بأن المجلس لن يستمر بعد العطلة البرلمانية وأن شبح الحل يطارده.

السبت، 2 يونيو 2012

بطلان التحكيم في صفقة الداو

حينما يصل الأمر للخسارة الفادحة في المال العام، تقرع الطبول، وتبدأ المقارعة بالحجة، لنسب التهمة للبعض، وهذا البعض يبرر تصرفاته، وهذا ما حدث مؤخراَ بعد صدور قرار التحكيم في صفقة الداو، الملزم بالشرط الجزائي البالغ 2,6 مليار دولار، فقد أخذت القضية زخم إعلامي واسع، وتم تشكيل لجان تحقيق بأعلى مستوى، لمعرفة جوانب القصور ومحاسبة المتسبب، دون التطرق للحلول. وما إذا كان بالإمكان إيجاد حل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من المال العام، فيجب أن تتعالى الهمم، والنظر في المشكلة من الجوانب القانونية على اعتبار أن الصفقة تمت بعقد إداري دولي بين طرفيه طرف شريك أجنبي والطرف الآخر شركة تتبع الدولة وتمثل مرفق عام، وأن التحكيم في مجال تلك العقود محل خلاف بالفقه، لعدة أسانيد منها أن التحكيم يعتبر مساساً بسيادة الدولة وذلك لأنه سلب لاختصاص القضاء، ويجب النظر للشرط الجزائي ولضخامة مبلغ الغرامة إنه ينافي مبادئ العدالة والإنصاف، والمادة (33) من قواعد التحكيم طبقاً للقرار 31/98 للجمعية العامة للأمم المتحدة في 15/12/1976 تقرر ذلك. بشرط أن موافقة طرفي العقد لازمة. وإن شاب العقد عيب، فإن استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي محل خلاف أيضاَ في القوانين. وأن لائحة التحكيم في غرفة لندن للتحكيم الدولي في المادة (15) لم تشير صراحة لمبدأ استقلال اتفاق التحكيم، ويجب التمعن بدراسة اتفاقية التحكيم والبحث في القانون المنصوص عليه الواجب التطبيق، والطعن على قرار التحكيم بالبطلان أن بالنظر إلى العقد أو الاتفاقية أو لخلل بالحكم هل اتفق الطرفان على الاستئناف من عدمه، حيث القانون الكويتي رقم 11/1995 قد أجاز الاستئناف باتفاق الأطراف، ومحاكم الاستئناف الدولية تغص بالطعون في قرارات التحكيم، وقد سبق وان أصدرت قرارتها في بعض النزاعات ببطلان التحكيم وبالذات محكمة استئناف باريس أصدرت حكم لها ببطلان التحكيم لمخالفته النظام العام، وأيضا سبق لها تأييد قرار تحكيم ضد شركة مصرية بمناسبة عدم تطبيق القانون المصري المنصوص عليه في الاتفاقية وقد أسندت المحكمة رفض الاستئناف تأسيسا على أن القانون المصري استلهم أحكامه من القانون الفرنسي، فالقول بعدم جواز استئناف حكم التحكيم غير صحيح بتاتا، ومراكز التحكيم الدولية تؤكد الحق بالطعن ببطلان التحكيم أمام الاستئناف لما شهدته من تجارب، والقانون الفرنسي قد حصر أسباب الطعن في قرار التحكيم بأربعة، وكذلك قانون التحكيم الفيدرالي الأمريكي ، وفي المادة 53 من قانون التحكيم المصري 27 لسنة 1994 تنص في البند ثالثا: "اذا كان احد طرفي اتفاق التحكيم وقت إبرامه فاقد الأهلية أو ناقصها وفقا للقانون الذي يحكم أهليته. والأسباب ذات محاور متشابهة جدا منها ان من حق الاستئناف ان تقضي ببطلان قرار التحكيم الصادر بناء على اتفاق باطل. على هدي من تلك المعطيات القانونية يلزم ان تتظافر الجهود بكل شفافية دون تبرير الاخطاء وتسبيب القصور، فقط للبحث عن ثغرة قانونية للخروج من هذا المأزق الذي يكلف الدولة مبلغا باهظا، وعدم التواني فمن اجل البلد كل امر سهل.