المبحث الثاني
الضوابط المتعلقة بالممارسات الرياضية
يتم النشاط الرياضي وفقا لقواعد وقوانين ولوائح تحدد الجوانب الفنية والتنظيمية للنشاط الرياضي. كما أن هناك قواعد وأصول لممارسة الألعاب الرياضية ينبغي مراعاتها ويجب احترامها وأن يكون السلوك طبقا لها. وعليه فسنتناول البحث في هذا الشأن من ناحيتين : تنظيم المسابقات وقوانينها من ناحية ومراعاة تطبيق قواعد اللعبة من ناحية أخرى. وذلك في مطلبين علي التوالي:-
المطلب الأول
تنظيم المسابقات وقوانينها
يتم تنظيم المسابقات الرياضية ووضع القوانين الخاصة بها من قبل الاتحادات الدولية واللجنة الأولمبية الدولية واللجان الوطنية الأولمبية.[1]
وهي عبارة عن مجموعة من القواعد لكل لعبة رياضية يتعين إتباعها عند مزاولة هذه اللعبة. وهناك العديد من الألعاب الرياضية في العالم وأخرى جديدة تبتدع باستمرار. ومن الألعاب المنتشرة في الأوساط الرياضية:- بناء الأجسام – كرة السلة – كرة القدم – الرجبي (كرة القدم الامريكية) – الغولف – السباحة– رمي المطرقة – رمي القرص – كرة الطائرة – تنس الطاولة– التنس الأرضي– الركض – القفز الطويل – القفز العالي – الكاراتيه – المصارعة– الملاكمة.[2]
فهناك مجموعة قواعد سباق الخيل – ومجموعة قواعد الرجبي ومجموعة كرة القدم ومجموعة الملاكمة .. الخ وهذه المجموعة الأخيرة كانت ثمرة خبرة الإتحاد المتخصص بالملاكمة في إنجلترا منذ أكثر من مائة عام ثم في باقي البلاد الأخرى.[3] وهذه القواعد متى ما أصبحت مقررة فهي تفرض على الجميع، وهذه القواعد الرياضية تدخل في المفهوم الحديث للقاعدة القانونية التي هي تعبير الإرادة الصادرة من شخص مختص بأن حدثا اجتماعيا معينا سوف يترتب عليه بالضرورة حدث اجتماعي آخر هذا الحدث الاجتماعي يتمثل في الوجود المعترف به للاتحادات الرياضية الوطنية ويتبع ذلك إرادة حدث اجتماعي هو وجود إتحاد رياضي وطني واحد يشرف على هذه الرياضة في البلد، والشخص الذي عبر عن الإرادة وهو اللجنة الدولية الأولمبية معترف له دوليا بهذا الاختصاص، وبما أن هذا الحدث ونتائجه يفرض على الجميع بما فيهم الحكومات فهو إذن قاعدة قانون. هذا المفهوم الحديث يظهر إلى جانب القواعد ذات الأصل الحكومي وهي التي يركز عليها رجال القانون اهتمامهم بصفة عامة. وتوجد قواعد أخرى: تصدر عن الجماعات الخاصة لها نفس الصفة الملزمة مثل القوانين الداخلية للاتحادات الرياضية أو النقابات. فالنصوص التي تصدرها الاتحادات الرياضية لضمان الصحة والأمن للمشاركين واللوائح المتعلقة بالتمييز بين اللاعبين الهواة واللاعبين المحترفين والتي يعاقب على مخالفتها بعقوبات تأديبية تعتبر مثالا بارزا لقواعد من القانون الاجتماعي. ولكن الذي يميز القاعدة القانونية في المجال الرياضي هو أنها توضع بمعرفة سلطة غير تشريعية ولكن معترف بها على النطاق الدولي أو الوطني وهي أحيانا ضد التشريع في بعض البلاد. فالتفكير في استبعاد جنوب إفريقيا من الحركة الأوليمبية والحركة الرياضية الدولية بصفة عامة بالنسبة لعدد كبير من الألعاب الرياضية يتعلق فقط بكون أن تشريع هذه البلاد يتعارض مع مبادئ التسامح وعدم التمييز العنصري التي تقوم عليها اللجنة الأوليمبية الدولية فهذه القواعد ملزمة للدول أنها لا تستطيع تعديلها أو مخالفتها وإلا تعرضت لجزاء هو استبعاد لاعبيها من اللقاءات الأولمبية الدولية.[4]
فالقاعدة التي تفرض بهذه الطريقة لم يضعها مشرع ولا قضاء ولكن سلطة مختلفة هي المديرين المنتخبين من بين زملائهم سواء من الاتحادات الرياضية الوطنية أو الدولية أو من اللجنة الأولمبية الدولية. فالأشخاص واضعو هذه القواعد الذين يكونون الحركة الإدارية الرياضية لا يملكون أي نصيب من السلطة السياسية ولكنهم يضعون اللوائح ويعدلونها في ضوء تجارب المباريات الوطنية والدولية وضرورات حسن سير الرياضة المعنية. وقد ذهب البعض إلى أن هذه القواعد الرياضية يتوافر لها حتى التعريف الضيق للقانون والذي يرى فيه مجموعة من القواعد التي تحكم نشاط الناس الذين يعيشون بضمان الإكراه الاجتماعي. وتأسيسا على ذلك يمكن القول بأن القواعد التي تحكم الألعاب الرياضية هي قواعد قانونية متخصصة أهم ما يميزها الطريقة التي توضع بها.[5]
ويبدو أن عد القواعد الصادرة من الهيئات الرياضية دولية كانت أم وطنية بحكم القواعد القانونية بالمعنى الضيق لهذه القواعد يعد أمرا صعبا، والصعوبة تكمن بمنبع هذه القواعد، وبالتالي مدى إضفاء الصيغة التشريعية عليها. إلا أن هذه العقبة بالإمكان تداركها بالنتيجة القائلة بأن ليس كل قانون هو تشريع فالقانون قد يتغير صيغا وصورا أخرى غير التشريع فهناك العرف والسوابق القضائية وغيرها، ولعل القواعد المكتوبة والصادرة عن الهيئات الرياضية بصفة آمرة، تجسد تجسيدا ماديا لما تم التعارف عليه من قواعد ومبادئ وأصول أضحت مع مرور الزمن إلزامية على مطبقيها.[6]
أما إضفاء الصفة القانونية الصرفة على تلك القواعد الصادرة عن الهيئات الرياضية لا سيما الدولية منها على أساس اعتراف الدول والحكومات بها بأن هذا الاعتراف وإن كانت له أهمية معينة في مجال ما إلا أن الهيئات الرياضية الدولية ليست بانتظار هذا الاعتراف من الدول التي تشترك هيئاتها الرياضية فيها، لأنها تعتمد في اكتسابها الشخصية القانونية على اعتراف قانون الدولة التي تأسست على إقليمها على اعتبار أنها منظمة دولية غير حكومية.[7]
كما أن تنظيم المسابقات الرياضية يخضع إلى القوانين الفنية التابعة للإتحاد الدولي من تنظيم موعد الألعاب وسير المسابقات والمواقع المختارة لإقامة الألعاب وإجراءات اعتماد واستقبال المشاركين ومراسيم الافتتاح والاختتام وتسليم الجوائز والهدايا وغيرها. وتوضع ضوابط للمواقع التي تقام عليها المسابقات والألعاب حيث يجب أن تحتوي على تجهيزات مطابقة للقواعد الفنية وقوانين الاتحادات الدولية كما يتم تشكيل لجان تحكيم دولية وفقا للقوانين المعمول بها في كل منافسة ومسابقة بالنسبة لكل منافسة رياضية وتتقيد لجنة التحكيم بقوانين الاتحادات الدولية فيما يتعلق بصلاحيتها وتشكيلها. كما أن هناك لجان تحال إليها أية مخالفات ناتجة عن سير المسابقات الرياضية. ويحتوي النشاط الرياضي على رياضات فردية وألعاب جماعية طبقا للتصميم التنافسي لها والألعاب التنافسية لها أسس وقواعد معترف بها ولها نظام خاص بتسجيل الأهداف لتحديد الفائزين من بين المشاركين في هذا النشاط وتجري وفقا لقوانين ولوائح محددة من قبل إتحاد اللعبة موضوع المنافسة. مما يترتب عليه تحديد النواحي الفنية والتنظيمية لنوع النشاط الرياضي وكذا سلوك اللاعبين الذي يتناسب مع تلك الأمور وعليه يجب أن يتم التنافس الرياضي طبقا للأسس التي تؤكد ضرورة قبول قرارات الحكام واللعب النظيف والتواضع عند الفوز وغيرها.