اهلا وسهلا

يسعدني زيارتكم لمدونتي،،، " شروق " اسأل الله ان تحوز اعجابكم،،، علما بانني لا استغني عن ارائكم وارشاداتكم التي اضعها بعين الاعتبار،،، وشكرا... عبدالله الضعيان،،،

الثلاثاء، 4 أكتوبر 2011

اقرار الذمة بين الموافقة والرفض

أخيرا قانون الذمة المالية سيري النور قريبا حسب ما يتم تداوله علي الساحة، وحسنا فعلت الحكومة حين أقرت ذلك القانون وإحالته للفتوي والتشريع لصياغته، ومن ثم سيعرض علي مجلس الأمة للتصويت عليه، لطالما كانت هناك محاولات حثيثة لإقرار ذلك القانون فيما سبق منذ بضع سنين، ولكنه كان حبيس الأدراج لسبب أو لآخر، ولكن في تلك المرة الأمر مختلف حيث بادرت الحكومة لإقراره، ومجلس الأمة ممثل باللجنة التشريعية يتدارس الوضع أيضا لإقرار مثل ذلك الاقتراح ولتماثل الاتجاهين، مبادرة الحكومة من جانب، واقتراح المجلس من جانب آخر، فلا مجال للحيلولة دون إقرار ذلك القانون، ومن المعروف أن كل حكومات كل العالم لها مؤيدين ومعارضين، فان أرادت الحكومة تمرير قانون ما، ان كانت جادة بذلك، أوعزت بداية لمؤيديها للموافقة عليه، فما الحال القانون قد سبق وتبنته السلطة التشريعية والمعارضة أيضا، فمن المفترض أن يفوز بالإجماع، إلا اذا كان هناك من يستفيد بعدم إقرار قانون الذمة المالية لتخوفه أن القانون لا يخدمه ذاتيا أو لخشيته من المجهول، ولعل التردد لدي البعض بإقراره يكون لغرض في نفسه، أو لأسباب أخري منها أسباب قانونية بحتة حيث أن القانون قد يري البعض انه يتعارض مع مبدأ هام وهو عبء الإثبات تتحمله سلطة الاتهام، فكما تبين في المقال السابق من هذه المدونة أن من تتضخم ثروته عليه  أن يثبت ويوضح  مصدر زيادة الثروة، وان يكون الإثراء مشروع، والا تعرضت أمواله للمصادرة وتعرض الشخص نفسه للعقوبة بحسب قانون الذمة المالية، فهنا يكمن الخلاف، بما أن الإثبات علي عاتق سلطة الاتهام، ففي قانون الذمة المالية، كيف ينتقل الإثبات على عاتق الشخص المتهم؟ ليقيم الدليل أو ليثبت براءته دونما أن تتحمل سلطة الاتهام إقامه الدليل، ولكن حينما نبحث في القانون نجد أن الأصل في الأشياء الإباحة كمبدأ رئيس، والبراءة هي الأصل مالم يثبت العكس بدليل يقيني قطعي وحكم بات، فالبراءة إذن قرينة قانونية والإثبات بتعبير مختصر مجموع الأسباب المنتجة للدليل، وبالتالي القرينة القانونية يجوز إثبات عكسها كما هو الحال في البراءة، فيجوز إثبات عكس البراءة بإقامة الدليل ودحضها في مختلف الجرائم، ولو أن البراءة هي الأصل، ففي قانون الذمة المالية حين ينص القانون نفسه علي أن من يعجز عن تقديم دليل وبيان زيادة الثروة يعتبر قد ارتكب جريمة الكسب الغير مشروع، فلا مجال للخلاف إذن والعمل بالقرائن مشروع، وان هذا الحكم مستوحى من محكم كتابه العزيز الحكيم في سورة سيدنا يوسف عليه السلام ﴿ وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ* قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ* وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ* فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ* يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ﴾ [يوسف: 25 -29 [  فاتهام يوسف واتهام امرأة العزيز بالمراودة، كان الفصل للأخذ بالقرينة، حيث كان شق قميص يوسف من دبره قرينة على انه كان هاربا منها، وأنها وراءه متعلقة به، آخذة بثوبه، حتى انشق من الخلف، فكان هذا كافيا للعزيز في تبرئة يوسف من الاتهام، والحكم على امرأة العزيز بالمراودة. وقد اشترطت المحكمة الدستورية العليا المصرية في الواقعة البديلة التي تستفاد منها قرينة الإثبات التي ينص عليها القانون ارتكازها على أسس موضوعية، تقِيم بينها وبين القرينة علاقة منطقية، تستند إلى ما يقع غالبا في الحياة العملية، وتكون كافية لإهدار افتراض البراءة، وفي حكم لمحكمة التمييز الكويتية بالجلسة المنعقدة علنا بالمحكمة بتاريخ 5 ذي الحجة 1419 هـ الموافق 22/3/1999 ، "فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة. بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحا دالا بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات". ومن ناحية أخرى، فقد استقر قضاء النقض المصرية على أن "القرائن من طرق الإثبات الأصلية في المواد الجنائية، فللقاضي أن يعتمد عليها دون غيرها، ولا يصح الاعتراض على الرأي المستخلص منها ما دام سائغا مقبولا". لذا فان الأخذ بالقرينة وانتقال عبء الإثبات علي عاتق المتهم في قانون إقرار الذمة لابد ألا يشوبه الخلاف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق