المطلب الثاني
المسئولية الجنائية في المسابقات الرياضية
في القانون الكويتي
أحيط الجسد الإنساني بعناية كبيرة من قبل المشرعين، فالمساس بالجسد الإنساني غالبا ما يستدعي تطبيق قواعد أكثر من ضرب من ضروب المسئولية، فهو قد يستدعي أعمال قواعد المسئولية التقصيرية، وقد يستدعي إعمال قواعد المسئولية الجنائية، والإدارية، وحتى السياسية. ولقد اختلف موقف القوانين الوضعية في مختلف البلاد في حكم ما يحدث من إصابات نتيجة ممارسة اللعب الرياضية، فبعض القوانين يعدها أفعالا مباحة ولا يترتب عليها المسئولية، وبعضها يعدها جرائم يعاقب عليها. وينقسم هذا المطلب إلي فرعين نتناول أولا موقف القانون الكويتي من الإصابات الناشئة من الألعاب الرياضية ومن ثم في الفرع الثاني نعرض بإيجاز لأوجه الشبه والاختلاف بين القانون الكويتي والفقه الإسلامي في المسئولية الجنائية الناشئة عن المسابقات الرياضية.
الفرع الأول
موقف القانون الكويتي من الإصابات الناشئة
من الألعاب الرياضية
لقد اتجه قانون الجزاء الكويتي رقم 16 لسنة 1960 إلى إعطاء أهمية كبيرة للإرادة الصحيحة ورضى المجني عليه كسبب من أسباب الإباحة باستثناء بعض الحالات المحددة. فالمادة (26) نصت: "لا يعد الفعل جريمة عند قيام سبب من أسباب الإباحة".
والمادة (32) من ذات القانون تشير صراحة لقيام سبب إباحة أثناء ممارسة الألعاب الرياضية حيث تنص: "لا جريمة إذا وقع الفعل أثناء مباراة رياضية من شخص مشترك فيها ، بشرط أن يلتزم من قواعد الحذر والاحتياط ما تقضي به الأصول المرعية في هذه المباراة".
وأيضا تنص المادة(39)من قانون الجزاء الكويتي على أنه "لا يعد الفعل جريمة إذا رضي المجني عليه بارتكابه ، وكان وقت ارتكاب الفعل بالغا من العمر ثماني عشرة سنة ، غير واقع تحت تأثير إكراه مادي أو معنوي ، عالما بالظروف التي يرتكب فيها الفعل وبالأسباب التي من اجلها يرتكب، ويشترط أن يكون الرضاء سابقا على ارتكاب الفعل أو معاصرا له ، ومع ذلك لا يعتد برضاء المجني عليه، ويعد الفعل جريمة ، إذا كان من شأنه أن يحدث الموت أو يحدث أذى بليغا، أو كان يعد جريمة بغض النظر عن الضرر الذي يحتمل أن يحدثه للمجني عليه، أو نص القانون على ألا يعتد بهذا الرضاء".
ويمكن أن نستخلص من هذه المادة شروطا يجب توافرها حتى يعد الرضا من أسباب الإباحة وهي كما يلي:-
1- أن يكون المجني عليه قد أتم الثامنة عشرة من عمرة باعتبار أن من كان دون هذه السن يعد رضاؤه مشوبا بعيب النقص بإدراكه لما يفعل.
وبناء على ذلك فإن الألعاب الخطرة لا يعتد فيها برضا اللاعب الذي يقل عمره عن ثماني عشر سنة ويتحمل من يتعدى عليه ولو في أثناء اللعب المسئولية الجنائية وذلك لأنه لا يملك الإذن لقصور إدراكه عن تبعات الإصابة.
ويمكن القول بأن القانون الكويتي يمنع الألعاب الخطرة لمن تقل أعمارهم عن ثماني عشرة سنة ولا يسمح لهم بها إلا بعد بلوغهم هذه السن.
والمقصود بالسن هنا احتسابه بالسنة الميلادية لان السنة إذا أطلقت في القانون الكويتي يقصد بها السنة الميلادية ما لم ينص على خلاف ذلك.
2- ألا يكون واقعا تحت تأثير إكراه مادي أو معنوي وذلك أنه يفسد رضا المجني عليه كونه يقع تحت الإكراه المادي أو المعنوي.
وبناء عليه فلا بد أن يكون اللعب بطلب الطرفين أو رضاهما حتى ترتفع المسئولية الجنائية فلو أجبر إنسان آخر على اللعب أو طلب ممن كان في ضرورة للحصول على المال أن يتصارع معه مثلا فوقع عليه ضرر لا يعتد بالرضا لأنه مشوب بعيب الإكراه الذي يفقد عنصر الرضا.
ومن ذلك ما يقوم به بعض المدربين من إكراه للمتدربين على بعض الأعمال الخطرة أو الاقتتال مع غيرهم وألا حرم من المميزات التي تؤثر فيه ماديا ومعنويا.
3- أن يكون عالما بأسباب ارتكاب الفعل وظروفه حتى يتحقق الرضا لابد أن يعلم بالأسباب الحقيقية المحيطة بالفعل. فلابد من إثبات علم اللاعب بأن ذلك هو مسابقة أو تمرين بجميع طرق الإثبات الممكنة والأصل يكون عدم الرضا ما لم يتم إثبات ذلك.
4- أن يكون الرضا سابقا على الفعل أو معاصرا له، وبناء عليه لا اعتبار بالرضا إذا كان بعد انجاز الجريمة إلا في حالات استثنائية تم تحديدها في القانون.
ليس منها الألعاب الرياضية.