أن اللجوء لاستخدام الوسائل المتنوعة في تعزيز مفهوم
وقيم المسئولية المجتمعية بين أفراد المجتمع ضرورة وطنية لتحقيق الوعي بين أكبر
شريحة ممكنة من المجتمع. للحرص بداية علي تفعيل دور المسئولية المجتمعية علي أكمل
وجه، وكذلك لتفادي وقوع الأفراد بالمحظورات القانونية تجاه أي جزئية من جزئيات
المسئولية المجتمعية.
حيث إن المسئولية المجتمعية تعني بتحقيق الحياة الأفضل
لجميع من يعيش علي كوكب الأرض، فكما تحقق الرفاهية للإنسان باعتبار أن ذلك حق أصيل
من حقوقه المشروعة للعيش بكافة السبل التي تضمن الحياة المثلي، كذلك تحقق الحماية
لكل الكائنات للبقاء علي قيد الحياة واستمرارية العيش، والمسئولية المجتمعية تضمن
الحفاظ علي البيئة بأنواعها المختلفة لتكون بيئة صالحة وصديقة للجميع وليس ذلك
فحسب بل اذا تعمقنا اكثر بمفهوم المسئولية المجتمعية نجدها كما تنص علي حماية
الإنسان والحيوان والنبات والبيئة أيضا المسئولية المجتمعية تتطرق للجماد ليكون
بمواصفات قياسية معينة حماية متبادلة لكل الأطراف.
صحيح أن المسئولية المجتمعية بمعناها الواسع لا تعتبر
الزامية ولا يوجد قانون ينص أو ينظمها بكل شموليتها، ولكن باعتبارها تتوزع وتنقسم
إلي عدة أجزاء أو مكونات عديدة فنجد قوانين كثيرة تعني ببعض تلك الفصول المنبثقة
من المسئولية المجتمعية، فالقوانين كثيرة تلك التي تنظم العلاقة بين أفراد المجتمع
باعتبار أن المجتمع الركيزة الأولي للمسئولية المجتمعية، وفي الجانب القانوني
للركيزة الثانية تتعدد القرارات واللوائح التي تنظم النشاط الاقتصادي، وتتنوع
التشريعات سواء محلية علي مستوي كل بلد أو إقليمية وحتي علي شكل اتفاقيات دولية
نتيجة مؤتمرات ودورات للمنظمات العالمية التي تضفي الحماية للبيئة كونها الركيزة
الثالثة.
ولا يتأتى ذلك إلا من خلال الموازنة بين أبعادها الثلاثة
من خلال صياغة التشريعات الجيدة التي تهدف لتحقيق المصلحة العامة ونعني هنا
بالمصلحة العامة التي تكفل تحقيق التوازن وإضفاء الحماية لعناصر المسئولية
المجتمعية، فلابد من إعداد القوانين من جهات مختصة دونما أي هيمنه من جهة علي حساب
أخري مع الأخذ بعين الاعتبار تفعيل مبدأ الفصل بين السلطات داخل الدولة ولكن بذات
الوقت تطبيق نظام دراسة الأثر التشريعي قبل سن القانون بمعني تفعيل دور الشعب وهو
الأعلم بمصلحته في مجال التشريع بواسطة الجمعيات والنقابات وكافة منظمات المجتمع
المدني التي أساسا هي المكون الأساسي للشعب وذلك بإشراكها حين التدخل لسد الفراغ
التشريعي أو التعديل والتطوير للقوانين القائمة، ومن ثم عرض القوانين قبل إصدارها
علي جهات متخصصة للتأكد من عدم مخالفتها للقواعد التي تعلوها، وكذلك مراجعة
التسلسل الرقمي للتشريعات لتفادي ظاهرة القوانين المفقودة والتأكد من عدم تعارض
القوانين فيما بينها وتداخل اختصاص الجهات المعنية بتطبيق تلك القوانين، هذا علي
سبيل لمثال إيجاز بسيط لصياغة القوانين الوطنية.
ولكن صنع القانون في الوقت الحاضر قد تجاوز الحدود
الوطنية وانتقل خارج الاطار الحصري للدولة، ليكون علي شكل قانون دولي نتيجة
لمعاهدة تنظم إليها الدولة الطرف وبعد ذلك تصادق عليها عبر الجهة المختصة التابعة
للدولة الطرف مثل البرلمان أي السلطة التشريعية أو من خلال مصادقة الحكومة أي
السلطة التنفيذية، ومن ثم تقوم الدولة الطرف بنشرها باي وسيلة نشر معتمدة لنشر
القوانين والغالب تكون الجريدة الرسمية لنشر القوانين، وبعد التاريخ المحدد لنفاذ
المعاهدة تعتبر تلك المعاهدة أو الاتفاقية بمثابة قانون وطني أو كما يسمي قانون
داخلي ذو إلزامية علي المخاطبين به في داخل الدولة شأن تلك الاتفاقية بعد نشرها في
الجريدة الرسمية كأي قانون آخر يتعرض من يخالف ما ورد في مواده للمسائلة
القانونية، فأفراد المجتمع ملزمين بتطبيق القانون الوطني والذي في الأصل كان
بمثابة اتفاقية دولية ولكن بعد المرور بالمراحل التي التطرق إليها بإيجاز التوقيع
والمصادقة والنشر، وأيضا يوجد علي الدولة الطرف التزام بمجرد انضمامها للاتفاقية
فلابد من تطبيق بنود المعاهدة وعدم مخالفتها.
ومن اهم التحديات التي تواجه المجتمعات المعاصرة تطوير
سيادة القانون في سياق إدارة الشئون العامة لتحقيق الاستدامة بغية الوصول
للمسئولية المجتمعية والتي تتحقق بتحقيق التنمية المستدامة، وبالمناسبة فمن غير
المعقول أن تحقق مؤسسة ما،،، أهداف التنمية المستدامة دونما أن يكون لها دور في
المسئولية المجتمعية، وكذلك الحال لا يتصور أن تبرز احدي المؤسسات في المسئولية
المجتمعية دون أن تسعي لتحقيق الاستدامة. ولذلك كثيرا ما تكون المؤسسات القانونية
الوطنية غير مجهزة تجهيزا كافيا للاستجابة بشكل وقائي واستباقي لإقرار قواعد
قانونية تحاكي الواقع الذي يعني بتحقيق التنمية المستدامة، ليس قصورا بتلك
المؤسسات ولكن للترابط العابر للحدود بين القواعد المقصود إقرارها والظواهر
المرصودة وللحيلولة من ظهور وقائع تتجاوز حدود اكثر من دولة كان لا بد للمجتمع
الدولي أن يقف حائلا دون ذلك من خلال تظافر جهود المعنيين لصياغة اتفاقات دولية
ومعاهدات تحقق الهدف المنشود. وان دل ذلك علي شيء أنما يدل علي الإحساس الدولي
بالمسئولية المجتمعية أي شعور كل الدول بضرورة التدخل للحفاظ علي المجتمع الأممي
أو المجتمع الأم ولا ينحصر ذلك علي الأفراد فقط بل يتعداهم ليشمل البيئة وأشكال
الاقتصاد المختلفة، ومن هنا تتداعي الدول مجتمعة لحماية المكون للمجتمع الأممي،
وأكرر نعني بها هنا الأبعاد الثلاثة للمسئولية المجتمعية، وهو ما يعكس الشراكة
المجتمعية لتفعيل وللاستفادة من مبدأ المسئولية المجتمعية فالشراكة بين الدول
والتظافر لتحقيق اعلي مستوي من الحرص علي تطبيق المسئولية علي الجميع من خلال سن
القوانين وتبادل الخبرات الوقائية لحماية المجتمع الأم. فالضرورة تكمن في الشراكة
المجتمعية في الجوانب القانونية لإقرار دور المسئولية المجتمعية.