اهلا وسهلا

يسعدني زيارتكم لمدونتي،،، " شروق " اسأل الله ان تحوز اعجابكم،،، علما بانني لا استغني عن ارائكم وارشاداتكم التي اضعها بعين الاعتبار،،، وشكرا... عبدالله الضعيان،،،

الجمعة، 11 نوفمبر 2011

من كان بلا ذنب فليرمي الحجر

المادة 104 من قانون الإجراءات الجزائية تجيز لوزير الداخلية أن يصدر قرارا بحفظ التحقيق نهائيا ولو كانت هناك جريمة، وهذه المادة يدعي البعض بمخالفتها للدستور استنادا لتعارضها مع نص المادة 167 من الدستور "تتولى النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع, وتشرف على شؤون الضبط القضائي, وتسهر على تطبيق القوانين الجزائية وملاحقة المذنبين وتنفيذ الأحكام ويرتب القانون هذه الهيئة وينظم اختصاصاتها ويعين الشروط والضمانات الخاصة بمن يولون وظائفها  ويجوز أن يعهد بقانون لجهات الأمن العام بتولي الدعوى العمومية في الجنح على سبيل الاستثناء, ووفقا للأوضاع التي يبينها القانون"، ورأي آخر يرى بأن ذلك التعارض قد نسخ بصريح المادة 180 من الدستور "كل ما قررته القوانين و اللوائح و المراسيم و الأوامر والقرارات المعمول بها عند العمل بهذا الدستور يظل ساريا ما لم يعدل أو يلغ وفقا للنظام المقرر بهذا الدستور, وبشرط ألا يتعارض مع نص من نصوصه". ويرى أيضا أن قرار الحفظ يجوز إصداره في الجنح من دون الجنايات. لكن الرأي الراجح أن قرار الحفظ المنصوص عليه في تلك المادة يختص بالجنح والجنايات وان كانت الجنايات هي المعنية بتلك المادة, لأن الجنح أساسا بيد سلطة التحقيق والتي تخضع للوزير نفسه وبالتالي هي بسلطته، والدليل حينما أدخل المشرع الجزائي تعديلاً على أحكام قانون الإجراءات بالقانون رقم 6 لسنة 1996، بإضافة مادة برقم 104 مكررا "يجوز للمجني عليه في جناية أو جنحة أو لأي من ورثته وإن لم يدع مدنيا التظلم من قرارات الحفظ المشار إليها في المواد السابقة، خلال شهرين من تاريخ إعلانه أو علمه بقرار الحفظ، وذلك أمام محكمة الجنايات أو محكمة الجنح المستأنفة بحسب الأحوال". وتفصل المحكمة منعقدة في غرفة المشورة في التظلم بعد سماع أقوال من ترى لزوم سماع أقواله ولما كان الميعاد المقرر في هذه المادة للتظلم ميعادا قصيرا فقد تم زيادة هذا الميعاد إلى شهرين بتعديل أحكام المادة السابقة بالقانون 74 لسنة 2003، وأيضا مما يدل علي أن قرار الحفظ يجوز بالجنايات حظر المشرع التقرير بحفظ التحقيق نهائياً لعدم الأهمية في حالات معينة منها المادة 5/4 من قانون رقم 1 لسنة 1993 بشأن الأموال العامة المعدل بالقانون رقم 74 لسنة 2003 من أنه "...لا يجوز تطبيق نص المادة 104 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية المشار إليه بأي حال على الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون". وكذلك ما جاء بالقانون رقم 88 لسنة 1995 في شأن محاكمة الوزراء في المادة 7/3 منه التي تنص على أنه "...لا يجوز في صدد تطبيق أحكام هذا القانون، إعمال نص المادة 104 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية". علما بأن التقرير للسلطة التنفيذية بحفظ التحقيق والذي يترتب عليه عدم السير قدما في الدعوى الجنائية أمر خطير للغاية، وقد تكون بحق المادة 104 من أخطر مواد قانون الإجراءات الجنائية رقم 17 لسنة 1960، وتنص "لرئيس الشرطة والأمن العام أن يصدر قرارا بحفظ التحقيق نهائيا ولو كانت هناك جريمة وكانت الأدلة كافية اذا وجد في تفاهة الجريمة أو في ظروفها ما يبرر هذا التصرف". والمقصود برئيس الشرطة والأمن العام هو وزير الداخلية لان القانون تم وضعه قبل الدستور وقبل تشكيل الوزارة و كان ذلك المسمى الوظيفي حينذاك، وقد  كانت هناك محاولات في غير مرة لتعديل القانون وإلغاء هذه المادة إلا أن احد أصحاب الرأي السديد قد أشار بضرورة وجود هذه المادة بالرغم من خطورتها ليتم التعامل بها في قضايا السمعة والعرض، وهذا بينته أيضا المذكرة التفسيرية لقانون الإجراءات، ولان المجتمع الكويتي صغير وذو خصوصية ومثل تلك القضايا لها حساسية إن لم يتم التعامل مع بعضها بالحفظ، والقانون هو وليد البيئة الاجتماعية كضرورة لتنظيمها وفي نفس الوقت يعتبر القانون تعبير صادق عن الواقع ويتفاعل معه لذا فالقانون يلبي احتياجات المجتمع لاستقراره، ومثالا على ذلك لو أن رجلا تشاجر مع امرأة في الطريق العام، يجوز تفعيل المادة 104 بحفظ القضية كونها مجرد جنحة مشاجرة، ولا يمكننا القول بانها جريمة أخرى نص عليها قانون الجزاء إلا بتوافر الأدلة القاطعة، ولو كانت الجريمة ليست من قبيل الجرائم المعلقة على شكوى والتي نصت عليها المادة رقم 109 "لا يجوز رفع الدعوى الجزائية إلا بناء على شكوى المجني عليه في الجرائم الآتية : أولا - جرائم السب والقذف وإفشاء الأسرار. ثانيا - جريمة الزنا.  ثالثا - جرائم خطف الإناث. رابعا - جرائم السرقة والابتزاز والنصب وخيانة الأمانة ، اذا كان المجني عليه من أصول الجاني أو فروعه أو كان زوجه. اذا كان المجني عليه قاصرا ، كان لوليه الشرعي أن يقدم الشكوى نيابة عنه ، فإذا تعذر ذلك حل النائب العام محل الولي في هذا الصدد". وإن كان هناك تنازل يجب أن يؤخذ بالاعتبار خصوصا وأن التنازل يؤخذ به في ابشع صور الجرائم  وهي جرائم القتل، علما بأن التنازل يسري بحق من صدر منه عند الادعاء بالحقوق المدنية، ولا يجب إدانة المتهم قبل تقديمه وتمكينه من الدفاع عن نفسه أمام محاكمة عادلة تتوافر فيها الضمانات، مما يستلزم الأجهزة الأمنية بالتدخل الفوري لبحث الموضوع من كل جوانبه للحد من التشهير بالمتهم وتشويه سمعته، خصوصا وان شخص المتهم أحيانا هو الأساس لتفاعل الرأي العام مع الحدث، وأهمية الحدث قد تختلف  باختلاف الشخص، وسائر الأفراد أمام القانون على حد سواء، ولا يجوز توقيع عقوبة جزائية إلا بعد محاكمة تجري وفقا للقواعد التي يقررها القانون حسب المادة رقم 1 من قانون الإجراءات، فكما عدم سريان قانون الجزاء يولد شعور سلبي لدى أفراد المجتمع, فأن الإعلام وتصريحات ذوي السطوة من أعيان المجتمع يعتبر تدخل سافر بأعمال السلطة، له صدى وتأثير سلبي من تضخيم للقضية في سير الدعوى لتعارضه مع الإجراءات القانونية المقررة وتطبيق العدالة ومبدأ محكمتي النقض والتمييز "أن يفلت عشرة متهمين من العقاب خير من أن يدان برئ واحد"، ولا يجب التشفي من شخص المتهم بحجة تطبيق القانون لأن ذلك نداء حق يراد به باطل والله أعلم بالخفايا والنوايا، والعقوبة أن قررها القانون تعتبر إيلام وليست انتقام، بل يجب ترك القانون يأخذ مجراه وأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته، وكلنا بشر والبشر خطاؤون،  والخطأ متوقع من كل أحد لولا فضل الله ورحمته، ومن كان منا بلا ذنب فليرميه بالحجر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق