حتي لحظة كتابة هذه
السطور قاربت وفيات فيروس كورونا المستجد في العالم اثنين وخمسين ألف حالة، فيما يتجاوز عدد
حالات الإصابة بالمرض حول العالم أكثر من مليون حالة موزعين في كل بقاع الأرض،
نسبة الشفاء منهم لا تتجاوز العشرين بالمئة. والأرقام لمختلف الحالات وبكل أسف في
تزايد لحظي مستمر، نتيجة لهذا التفشي المرعب، والكل يشعر بالأسي حيال ما يحصل من فقدان
للأحباب قبل أوانهم. وهذا الفيروس الذي تكمن خطورته في سرعة انتشاره أوقع كوارث
صحية، جر عليها تداعيات اجتماعية وسياسية واقتصادية خطيرة، مما يجدر بوصفه حدث جلل
يستدعي اعتباره أولوية على كل اهتمامات العالم. فالبشرية كلها مهددة على حد سواء
دون تفريق بنوع الجنس ولا الجنسية ولا الدين أو الطائفة ولا حتى الموقع الجغرافي، إلا
اذا توحدت الجهود تظافرت لاتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من انتشار الفيروس لان
الجميع يعيش بذات الكوكب ويجمعهم مصير الحاضر والمستقبل معا. فمهما بلغت الخلافات
ذروتها ومهما تعارضت المصالح ومهما كثرت العداءات ومهما طال أمد الحروب لا بد من
تجاهل كل ذلك أمام الخطر المحدق بالإنسانية والتكاتف والتفاهم على وقف الكوارث
المفتعلة بسبب بني البشر لوجود كارثة اقوي من المتخاصمين توصف بالآفة السماوية
التي لا دخل ليد الإنسان بها وتعد سبب أجنبي، وقوة قاهرة، وبالتالي يجب العمل على
تفعيل دور أعلى السلطات في العالم للتدخل لوقف الحروب الدائرة رحمة في بني البشر
والإنسانية فما يصيبهم من جراء انتشار فيروس كورونا لا يجعلهم يحتملون الوقوف أمام
مصيبة أخرى من تلك التي تسببها الحروب.
فبالنظر الي قواعد
القانون الدولي العام وبالذات الي قانون المنازعات المسلحة، أو قواعد القانون
الدولي الإنساني، والذي يتألف من مجموعة القواعد التي تهدف إلى الحد من آثار
النزاعات المسلحة، ويحمي القانون الدولي الإنساني الأشخاص الذين لا يشاركون أو
الذين يكفون عن المشاركة في الأعمال العدائية. علما بأن تلك القوانين تستند الى
اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 بشأن الحماية المقررة للأشخاص سواء المرضى والجرحى
أو الأسرى أو المدنيين أو العاملين بالهيئات الطبية والتمريضية. وبإسقاط ذلك على
وضع العالم الحالي نجد انه لا يوجد احد بمنأى عن المرض ولا ضمان بعدم الإصابة
بفيروس كورونا، وكذلك نجد اغلب سكان الأقاليم التي انتشر فيها الوباء من المرضى
والبعض الآخر من السكان متطوعين يلبون نداء الاستجابة الإنسانية لإنقاذ بني جنسهم
من المرضى أو بحسب تسمية القانون من الجرحى، أي أن اغلب سكان العالم في الوقت
الحالي ينطبق عليهم احدى الأوصاف التي لا يجوز محاربتهم وقتالهم استنادا لقواعد
القانون الدولي الإنساني وفق اتفاقيات جنيف، إذن التعاون الدولي مطلوب للوصول لوقف
الحروب وحل المشكلات المشتركة، فالتدخل الدولي في هذه الأيام تحديدا حاجة ملحة للضرورات
البشرية، وفق نظرية التدخل الدولي من أجل الإنسانية، ومن الأهمية بمكان الربط بين بين
مسألة السلم الدولي والحفاظ عليه وقضايا حقوق الإنسان، حيث يماثل ذلك المسئولية
المجتمعية التي تلتزم بها المنظمات والمؤسسات على الصعيد الوطني والتي يقابلها
التشجيع والمناصرة في ظل الاستجابة الدولية لمكافحة وباء كورونا، فلابد في الجهة
المقابلة علي الصعيد الدولي أن تنادي وتعمل الأمم المتحدة على وقف الحروب والدمار
من اجل الإنسانية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق