بعد أن ضرب أطنابه فيروس كورونا المتجدد في كل بقاع الأرض، لم تعد العبارة
الشهيرة "بأن العالم أضحي قرية صغيرة" فاعلة نتيجة لتعطل جميع
وسائل النقل بشتى أنواعها بين مختلف الدول والأقاليم، وبعد أن كاد العالم أن تكون
الحدود الجغرافية على الخريطة فقط تراجع وأصبحت الحدود المغلقة بين كل مدينة وأخرى
خشية من الوباء الذي يتمثل بالفيروس ليس لخطورته بحد ذاته بل لخطورة سرعة انتشاره
وانتقاله بين بني البشر. ونتيجة لذلك عجزت كثير من الحكومات من القيام بمهامها على
اكمل وجه تجاه الفرد والمجتمع، نظرا لكثرة المصابين بالمرض وعدم التزام البعض منهم
بالتعليمات والإرشادات الصادرة من الجهات المعنية بعد مخالطة الغير وعدم الخروج من
المنازل إلا للضرورة القصوى. وبعد تفشي الوباء وإعلان منظمة لصحة العالمية بانه
وباء عالمي يصعب السيطرة عليه ووصفته المنظمة الجائحة، كان ولا بد من تدخل الكافة
حكومة ومنظمات مجتمع مدني وأفراد متطوعين تحت مظلة فرق تطوعية ومبادرات مساهمة،
لمحاولة تقديم يد العون للآخرين خصوصا الذين انقطعت بهم السبل وضاق العيش عليهم
بعد أن كان اعتمادهم على دخل يومي يسير يجني بعد عمل باليومية، ومن هذ المنطلق هبت
الأيادي ذات العطاء لمساعدة من يحتاج المساعدة سواء بالإجلاء إلى حيث إقامته أو
بتوفير الدواء والطعام للمحتاجين وإغاثة من هم بأمس الحاجة للإغاثة ولم يكن ذلك بالشيء
اليسير خصوصا على مستوى العالم، فكان لابد من تفعيل دور الشراكة المجتمعية وذلك
بتظافر الجهود التطوعية وجهود الحكومات معا للسيطرة والحد من آثار تلك الآفة
السماوية.
فالعطاء هو الرافد الرئيس للمسئولية المجتمعية واحد صور المشاركة
المجتمعية، والعطاء تحث عليه جميع الشرائع السماوية، وكذلك الفطرة الإنسانية
السليمة لتخفيف وطأة الحياة وصعوبتها على المحتاجين من بني البشر. وليس الكرم أن
تعطي ما لا تحتاج، وإنما أن تعطي ما أنت في أشد الحاجة إليه ولا توجد كلمات أبلغ
وأعظم وأعمق من كلماته عز وجل: "لن تنالوا البر حتى تُنفِقُوا مما تحبون"
والعطاء صفة تجسد الكرم حينما ينبع من القلوب وليس من الجيوب، أي أن يقوم الفرد
المقتدر بتقديم يد العون إلى المحتاج دونما أي سؤال أو إلحاح، ويقدم له مما يحب
ويفضل وليس الفائض لديه كما علمنا نبي الرحمة صلي الله عليه وسلم بشأن الزكاة أن
تكون من غالب قوت أهل البلد حيث إن فضيلة العطاء تكون بالمبادرة والإيثار وهي قمة الإنسانية
في ابهي الصور حينما يبادر المعطي بالبذل من أجل الآخر. والسعادة الحقيقية هي ما
تراه في عيون الأخرين وليس ما تحققه لنفسك، ولكنك تكون سعيدا أكثر من المعطى له
حين تعطي فالعطاء من أسباب السعادة.
قال عليه أفضل الصلاة والسلام: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه
بعضا"، المسئولية المجتمعية تعتبر من الأمور الضرورية بدوافع ذاتيه أو
نتيجة لحاجه المجتمع وأصبحت المسئولية المجتمعية أحد أهم العوامل المستخدمة في حل
الكثير من المشكلات سواء على مستوى الفرد أو المجتمع. وهي تندرج تحت قائمة
الواجبات القانونية والطوعية والأخلاقية ولا يتأتى ذلك إلا عبر الشراكة المجتمعية بين
الحكومات والمجتمع المدني بجهود متظافرة.
منشور في جريدة بوابة الأخبار الإلكترونية - سلطنة عمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق