المبحث الثاني
الإباحة في الممارسات الرياضية
وهناك علاقة وثيقة بين التجريم والإباحة، فإذا كان
التجريم يقوم علي التوازن بين الحقوق والحريات من خلال التناسب بينهما، فان
الإباحة كذلك تقوم علي هذا التوازن القائم علي التناسب، فمن الصعب النظر إلي
الحقوق والحريات المحمية بالتجريم بعيدا عن سائر الحقوق والحريات التي يحميها
القانون.
وتكثر في الأنشطة الرياضية الحركة الشديدة مابين
المتنافسين وقد ينجم عن هذه الحركة العنف أحياناً بل إن هناك ألعاب رياضية تقوم
أساسا على العنف والشدة وهذا ما دفع كمبدأ عام – مشرع قانون العقوبات إلى إباحة
العنف في الممارسات الرياضية. وقد قيد المشرع هذه الإباحة بمراعاة قواعد اللعبة.
وعلى ذلك سنتناول البحث في هذا الشأن في مطلبين هما الأحكام العامة للإباحة
وطبيعتها من ناحية وأساس ونطاق إباحة الألعاب الرياضية من ناحية أخرى.
المطلب الأول
الأحكام العامة للإباحة وطبيعتها
ينطوي قانون العقوبات علي نوعين من القواعد الجنائية:
قواعد مجرمة، وقواعد مبيحة. فعندما يتطابق السلوك المادي مع "قاعدة
تجريم" يسبغ علي الوصف فعل عدم "المشروعية" ويصبح في القانون
"جريمة"، أما عندما لا يتطابق ، فان الفعل يغدو فعلا مشروعا، ومشروعيته
هنا من قبيل "المشروعية الأصلية" ، أما عندما يتطابق الفعل مع قاعدة
تجريم ، ولأنه ارتكب في ظروف معينة يتطابق أيضا مع قاعدة إباحة، فانه يغدو فعلا
"مباحا" أي مشروعا ومشروعيته هنا من قبيل "المشروعية الاستثنائية.
وعليه سنتناول المشروعية الأصلية والمشروعية
الاستثنائية للإباحة أولا ، ثم نتناول ماهية أسباب الإباحة وعلتها ثانيا، ومن ثم
طبيعة أسباب الإباحة وآثارها ثالثا، وذلك في ثلاثة فروع على التوالي.